قد ورد ذکر الشفاعة فی الکتاب الحکیم فی سور مختلفة لمناسبات شتّى
کما وقعت مورد اهتمام بلیغ فی الحدیث النبویّ و أحادیث العترة الطاهرة، و الآیات القرآنیة فی هذا المجال على أصناف:
الصنف الأوّل: ما ینفی الشفاعة فی بادئ الأمر، کقوله سبحانه:
«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناکُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَأْتِیَ یَوْمٌ لا بَیْعٌ فِیهِ وَ لا خُلَّةٌ وَ لا شَفاعَةٌ وَ الْکافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (1)
الصنف الثانی: ما ینفی شمول الشفاعة للکفّار، یقول سبحانه- حاکیاً عن الکفّار-:
«وَ کُنَّا نُکَذِّبُ بِیَوْمِ الدِّینِ – حَتَّى أَتانَا الْیَقِینُ – فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِینَ» (2)
الصنف الثالث: ما ینفی صلاحیة الأصنام للشفاعة، یقول سبحانه:
«وَ ما نَرى مَعَکُمْ شُفَعاءَکُمُ الَّذِینَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِیکُمْ شُرَکاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَیْنَکُمْ وَ ضَلَّ عَنْکُمْ ما کُنْتُمْ تَزْعُمُونَ» (3) (4)
الصنف الرابع: ما ینفی الشفاعة عن غیره تعالى، یقول سبحانه: «وَ أَنْذِرْ بِهِ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْ یُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَیْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِیٌّ وَ لا شَفِیعٌ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ» (5) (6)
الصنف الخامس: ما یثبت الشفاعة لغیره تعالى بإذنه، یقول سبحانه: «یَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِیَ لَهُ قَوْلًا» (7) (8)
الصنف السادس: ما یبیّن من تناله شفاعة الشافعین، یقول سبحانه: «وَ لا یَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْیَتِهِ مُشْفِقُونَ» (9)
و یقول أیضاً: «وَ کَمْ مِنْ مَلَکٍ فِی السَّماواتِ لا تُغْنِی شَفاعَتُهُمْ شَیْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ یَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یَرْضى» (10)
هذه نظرة إجمالیّة إلى آیات الشفاعة، و أما السنّة فمن لاحظ الصحاح و المسانید و الجوامع الحدیثیة یقف على مجموعة کبیرة من الأحادیث الواردة فی الشفاعة توجب الإذعان بأنّها من الأُصول المسلّمة فی الشریعة الإسلامیة، و إلیک نماذج منها:
1. قال رسول اللّه صلى الله علیه و آله: «لکلّ نبیّ دعوة مستجابة، فتعجّل کلّ نبیّ دعوته، و إنّی اختبأت دعوتی شفاعة لأُمتی، و هی نائلة من مات منهم لا یشرک باللّه شیئاً». (11)
و قال صلى الله علیه و آله: «أعطیت خمساً و أعطیت الشفاعة، فادّخرتها لأُمتی، فهی لمن لا یشرک باللّه». (12)
و قال صلى الله علیه و آله: «إنّما شفاعتی لأهل الکبائر من أمّتی». (13)
و قال علی علیه السلام: «ثلاثة یشفعون إلى اللّه عزّ و جلّ فیشفّعون: الأنبیاء، ثمّ العلماء، ثمّ الشهداء». (14)
و قال الإمام زین العابدین علیه السلام: «اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد، و شرِّف بنیانه، و عظِّم برهانه، و ثقِّل میزانه، و تقبَّل شفاعته». (15)
1) البقرة: 254.
2) المدثر: 46- 48.
3) الأنعام: 95.
4) و لاحظ: یونس: 18؛ الروم: 13؛ یس: 23؛ الزمر: 43.
5) الأنعام: 51.
6) و لاحظ: الأنعام: 7؛ السجدة: 4؛ الزمر: 44.
7) طه: 109.
8) و لاحظ: البقرة: 255؛ یونس: 3؛ مریم: 87؛ سبأ: 23؛ الزخرف: 86.
9) الأنبیاء: 28.
10) النجم: 26.
11) صحیح البخاری: 8 / 33 و ج 9 / 170؛ صحیح مسلم: 1 / 130.
12) صحیح البخاری: 1 / 42 و 119؛ مسند أحمد: 1 / 301.
13) من لا یحضره الفقیه: 3 / 376.
14) الخصال، للصدوق، باب الثلاثة، الحدیث 169.
15) الصحیفة السجادیة، الدعاء، 42. و من أرد التبسط فلیرجع إلى «مفاهیم القرآن»: 4 / 287- 311 لشیخنا الأُستاذ- دام ظلّه-.