إنّ بعض شبهات منکری المعاد ناشٍ عن توهّم أنّ الإنسان لیس إلّا مجموعة خلایا و عروق و أعصاب و عظام و جلود تعمل بانتظام، فإذا مات الإنسان صار تراباً و لا یبقى من شخصیته شیء، فکیف یمکن أن یکون الإنسان المُعاد هو نفس الإنسان فی الدنیا؟ و علیه فلا یتحقّق المقصود من المَعاد و هو تحقیق العدل الإلهی بإثابة المطیع و عقوبة العاصی، و لعلّه إلى هذه الشبهة یشیر قولهم:
«أَ إِذا ضَلَلْنا فِی الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ» (1)
و قد أجاب سبحانه عنها بقوله: «قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ» (2) یعنی أن شخصیتکم الحقیقیة لا تضلّ أبداً فی الأرض، فإنّها محفوظة لا تتغیّر و لا تضلّ، و تلک الشخصیة هی ملاک وحدة الإنسان المحشور فی الآخرة و الإنسان الدنیوی، فالآیة تعرب عن
بقاء الروح بعد الموت و هذا الجواب هو الأساس لدفع أکثر الشبهات حول المعاد الجسمانی.
لقد شغل أمر تجرّد الروح و بقائه بال المفکّرین، و استدلّوا علیه بوجوه عقلیة، کما اهتمّ القرآن الکریم ببیانه فی لفیف من آیاته، و فیما یلی نسلک فی البحث عن تجرّد الروح هذین الطریقین؛ العقلی و النقلی:
1) السجدة: 10.
2) السجدة: 11.