العصمة فی اللّغة بمعنى الإمساک و المنع (1) و أمّا فی اصطلاح
المتکلّمین فالمشهور عند العدلیة أنّها لطف من اللّه لا داعی معه إلى ترک الطاعة و لا إلى ارتکاب المعصیة مع القدرة علیهما (2) و عند الأشاعرة «أن لا یخلق اللّه فیهم ذنباً». (3) و قال المحقّق الجرجانی: «العصمة ملکة اجتناب المعاصى مع التمکن منها». (4)
أقول: ما ذکره الشریف هو الصحیح و ما ذکره المشهور سبب إلهیّ لتحقّق العصمة، فالحقّ أنّ العصمة ملکة نفسانیة راسخة فی النفس، تمنع الإنسان عن المعصیة مطلقاً، فهی من سنخ التقوى لکنّها درجة قصوى منها، فالتقوى فی العادیین من الناس، کیفیة نفسانیة تعصم صاحبها عن اقتراف کثیر من القبائح و المعاصی، فهی إذا ترقّت فی مدارجها و علت فی مراتبها، تبلغ بصاحبها درجة العصمة الکاملة و الامتناع المطلق عن ارتکاب أیّ قبیح من الأعمال، بل یمنعه حتى التفکیر فی خلاف أو معصیة (5)
1) معجم مقاییس اللغة: 4 / 331؛ المفردات فی غریب القرآن؛ کتاب العین، مادة عصم.
2) شرح المقاصد: 4 / 312؛ ارشاد الطالبین: 130.
3) شرح المواقف: 8 / 280.
4) التعریفات: 65.
5) التعاریف المذکورة للعصمة غیر شاملة للعصمة عن السّهو و الجهل، و إن شئت قلت العصمة العلمیّة، و حقیقتها ترجع الى معرفة کاملة و جامعة بالمعارف و الأحکام الإلهیة و ما یتعلّق بشئون هدایة العباد فی مصالحهم الدینیة و الدنیویة.