جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

تعریف المعجزة (2)

زمان مطالعه: 2 دقیقه

المشهور فی تعریف المعجزة أنّها: «أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدّی، مع عدم المعارضة». (1) و إلیک توضیحه:

إن هناک أُموراً تعدّ مضادّة للعقل، کاجتماع النقیضین و ارتفاعهما، و وجود المعلول بلا علّة و نحو ذلک، و أُموراً أُخرى تخالف القواعد العادیة، بمعنى أنّها تعدّ محالات حسب الأدوات و الأجهزة العادیة، و المجاری الطبیعیة، و لکنّها لیست مستحیلة عقلًا لو کان هناک أدوات أُخرى خارجة عن نطاق العادة، و هی المسمّاة بالمعاجز، و ذلک کحرکة جسم کبیر من مکان إلى مکان آخر بعید عنه، فی فترة زمانیة لا تزید على طرفة العین بلا تلک الوسائط العادیة، فإنّه غیر ممتنع عقلًا و لکنّه محال عادة، و من هذا القبیل ما یحکیه القرآن من قیام من أوتی علماً من الکتاب بإحضار عرش بلقیس ملکة سبأ، من بلاد الیمن إلى بلاد الشام فی طرفة عین بلا توسط شی‏ء من تلک الأجهزة المادّیة المتعارفة. (2) فتحصّل أنّ المعجزة أمر خارق للعادة لا مضادّ للعقل.

ثمّ إنّ الإتیان بما هو خارق للعادة لا یسمّى معجزة إلّا إذا کان مقترناً بدعوى النبوّة، و إذا تجرّد عنها و صدر من بعض أولیاء اللّه تعالى یسمّى «کرامة» و ذلک کحضور الرزق لمریم علیها السلام بلا سعی طبیعی. (3) و لأجل ذلک کان الأُولى أن یضیفوا إلى التعریف قید: «مع دعوى النبوّة». (4)

و لا یتحقّق الإعجاز إلّا إذا عجز الناس عن القیام بمعارضة ما أتى به مدّعی النبوّة، و یترتّب على هذا أنّ ما یقوم به کبار الأطباء و المخترعین من الأُمور العجیبة خارج عن إطار الإعجاز، کما أنّ ما یقوم به السّحرة و المرتاضون من الأعمال المدهشة، لا یعدّ معجزاً لانتفاء هذا الشرط.

و من شرائط کون الإعجاز دلیلًا على صدق دعوى النبوّة أن یکون فعل المدّعی مطابقاً لدعواه، فلو خالف ما ادّعاه لما سمّی معجزة و إن کان أمراً خارقاً للعادة، و من ذلک ما حصل من مسیلمة الکذّاب عند ما ادّعى أنّه نبی، و آیة نبوّته أنّه إذا تفل فی بئر قلیلة الماء، یکثر ماؤها، فتفل فغار جمیع ماؤها.


1) شرح التجرید للفاضل القوشجی: 465.

2) لاحظ: النمل: 40.

3) لاحظ: آل عمران: 37.

4) لا تختصّ المعجزة بدعوى النبوّة، بل یعمّها و دعوى الإمامة و غیرها من الدعاوى الإلهیة، کدعوى المسلم أنّ شریعة الإسلام هی الحق دون غیرها من الشرائع، و یقوم بالمباهلة، فذلک معجزة البتة، فالصحیح فی تعریف المعجزة أن یقال: «هو الفعل الخارق للعادة الّذی یأتی به من یدّعی منصباً أو مقاما إلهیاً شاهداً على صدق دعواه»؛ راجع: البیان فی تفسیر القرآن: 33.