یظهر من القرآن الکریم و الأحادیث المتضافرة أنّ البلایا و المحن ألطاف إلهیّة فی حیاة الأولیاء و الصالحین من عباد اللّه و شرط لوصولهم إلى المقامات العالیة فی الآخرة.
قال سبحانه:
«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى یَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِیبٌ». (1)
و قال أیضاً:
«وَ لَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِینَ – الَّذِینَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِیبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَیْهِ راجِعُونَ – أُولئِکَ عَلَیْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ». (2)
و روى هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السلام أنّه قال: «إنّ أشدّ الناس بلاءً الأنبیاء، ثمّ الّذین یلونهم، ثمّ الأمثل فالأمثل». (3)
و روى سلیمان بن خالد عنه علیه السلام أنّه قال: «و إنّه لیکون للعبد منزلة عند اللّه فما ینالها إلّا بإحدى خصلتین، إمّا بذهاب ماله أو ببلیّة فی جسده». (4)
و قد شکا عبد اللّه بن أبی یعفور إلى أبی عبد اللّه الصادق علیه السلام ممّا أصابته من الأوجاع- و کان مسقاماً- فقال علیه السلام: «یا عبد اللّه لو یعلم المؤمن ما له من الأجر فی المصائب لتمنّى أنّه قرّض بالمقاریض». (5)
حاصل المقال:
إنّ المصائب على قسمین: فردیة و نوعیة، و إن شئت فقل: محدودة و مطلقة، و لأعمال الإنسان دور فی وقوع المصائب و البلایا، و هی جمیعاً موافقة للحکمة و غایة الخلقة، فإنّ الغرض من خلقة الإنسان وصوله إلى
الکمالات المعنویة الخالدة، و تلک المصائب جرس الإنذار للغافلین و کفّارة لذنوب المذنبین و أسباب الارتقاء و التعالی للصالحین.
هذا فی جانب الغرض الأُخروی، و أمّا فی ناحیة الحیاة الدنیویة فیجب إلفات النظر إلى أمرین:
1. ملاحظة منافع نوع البشر المتوطّنین فی نواحی العالم، بلا قصر النظر إلى منافع الفرد أو طائفة من الناس.
2. ملاحظة ما یتوصّل إلیه الإنسان عند مواجهته للمشاکل و الشدائد من الاختراعات و الاکتشافات الجدیدة المؤدّیة إلى صلاح الإنسان فی حیاته المادیة.
1) البقرة: 214.
2) البقرة: 155- 157.
3) الکافی: ج 2، باب شدّة ابتلاء المؤمن، الحدیث 1.
4) نفس المصدر: الحدیث 23.
5) نفس المصدر: الحدیث 15.