ذهب جمع من الأشاعرة و غیرهم إلى اجراء هذه الصفات على اللّه سبحانه مع تفویض المراد منها إلیه. قال الشهرستانی:
إنّ جماعة کثیرة من السلف یثبتون صفات خبریة مثل الیدین و الوجه و لا یؤوّلون ذلک، إلّا أنّهم یقولون: إنّا لا نعرف معنى اللفظ الوارد فیه، مثل قوله: «الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى».
و مثل قوله: «لِما خَلَقْتُ بِیَدَیَّ». و لسنا مکلّفین بمعرفة تفسیر هذه الآیات بل التکلیف قد ورد بالاعتقاد بأنّه لا شریک له و ذلک قد أثبتناه (1)
و إلیه جنح الرازی و قال:
هذه المتشابهات یجب القطع بأنّ مراد اللّه منها شیء غیر ظواهرها کما یجب تفویض معناها إلى اللّه تعالى و لا یجوز الخوض فی تفسیرها (2)
أقول:
إنّ لأهل التفویض عذراً واضحاً فی هذا المجال، فإنّهم یتصوّرون أنّ الآیات المشتملة على الصفات الخبریّة من الآیات المتشابهة، و قد نهى سبحانه عن ابتغاء تأویلها و أمر عباده بالإیمان بها. (3)
نعم یلاحظ على مقالتهم هذه أنّ الآیات لیست من الآیات المتشابهة، فإنّ المفاد فیها غیر متشابهة (4) إذا أمعن فیها الإنسان المتجرّد عن کلّ رأی سابق.
1) الملل و النحل: 1 / 92- 93 بتلخیص.
2) أساس التقدیس: 223.
3) لاحظ آل عمران: 7.
4) یعنی انّ هذه الآیات و إن کانت متشابهة فی بادئ الرأی و قبل إرجاعها إلى المحکمات، لکنّها تصیر محکمة بعد إرجاعها إلیها.