إنّ الحیاة المادّیة فی الحیوان و الإنسان- بما أنّه حیوان- تقوم بأمرین، هما: الفعّالیّة و الدرّاکیّة، فالخصائص الأربع (1) الّتی ذکرها علماء الطبیعة راجعة إلى الفعل و الانفعال، و التأثیر و التأثّر و نرمز لها «بالفعّالیّة»، کما نرمز إلى الحسّ و الإدراک المتسالم على وجودهما فی انواع الحیوان، و قد یقال بوجودهما فی النبات ایضاً، ب «الدرّاکیّة» فالحیّ هو الدرّاک و الفعّال، کما هو المصطلح عند الفلاسفة الإلهیین.
فملاک الحیاة الطبیعیّة هو الفعل و الدرک، و هو محفوظ فی جمیع المراتب لکن بتطویر و تکامل، أعنی: حذف النواقص و الشوائب الملازمة
للمرتبة النازلة عن المرتبة العالیة، فالفعل المترقّب من الحیاة العقلیة فی الإنسان لا یقاس بفعل الخلایا النباتیة و الحیوانیة، کما أنّ درک الإنسان للمسائل الکلیة أعلى و أکمل من حسّ النبات و شعور الحیوان و مع هذا البون الشاسع بین الحیاتین، تجد أنّا نصف الکلّ بالحیاة بمعنى واحد و لیس ذاک المعنى الواحد إلّا کون الموجود «درّاکاً» و «فعّالًا».
1) و هی: الجذب و الدفع، النمو و الرشد، التوالد و التکاثر، الحرکة و ردّة الفعل.