عرّف العلم بأنّه صورة حاصلة من الشیء فی الذهن، و هذا التعریف لا یشمل إلّا العلم الحصولی، مع أنّ هناک قسما آخر للعلم و هو العلم الحضوری، و الفرق بین القسمین أنّ فی العلم الحصولی ما هو حاضر عند العالم و حاصل له هی الصورة المنتزعة من الشیء و هذه الصورة الذهنیة وسیلة وحیدة لدرک الخارج و إحساسه و لأجل ذلک أصبح الشیء الخارجی معلوماً بالعرض و الصورة الذهنیة معلومة بالذات، و أمّا العلم الحضوری فهو عبارة عن حضور المدرَک من دون توسط أیّ شیء و ذلک کعلم الإنسان بنفسه.
على ضوء ما ذکرناه من تقسیم العلم إلى الحصولی و الحضوری یصحّ أن یقال:
«إنّ العلم على وجه الإطلاق عبارة عن حضور المعلوم لدى العالم».
و هذا التعریف یشمل العلم بکلا قسمیه، غیر إنّ الحاضر فی الأوّل هو الصورة الذهنیة دون الواقعیة الخارجیة، و فی الثانی نفس واقعیة المعلوم من دون وسیط بینها و بین العالم.
إذا وقفت على حقیقة العلم، فاعلم أنّ الإلهیّین أجمعوا على أنّ العلم من صفات اللّه الذاتیة الکمالیة، و أنّ العالم من أسمائه الحسنى، و هذا لم یختلف فیه اثنان على إجماله، و لکن مع ذلک اختلفوا فی حدود علمه تعالى و کیفیته على أقوال، یلزمنا البحث عنها لتحقیق الحال فی هذا المجال، فنقول: