إذا کانت هناک ظاهرة لیست لها صلة وثیقة بحیاة الإنسان، أو لا تؤدّى
صلتها بها إلى اختلال فی حیاته فلا تتصف بالشرّ و البلاء، إنما تتّصف بصفة الشرّیّة إذا أوجبت نحو اختلال فی حیاة الإنسان بحیث یوجب هلاکة نفسه أو ما یتعلّق به أو یتضرّر به بوجه.
و من المعلوم أنّ هذه النسبة و الإضافة متأخّرة عن وجود ذلک الموجود أو تلک الحادثة، فلو تحقّقت الظاهرة و قطع النظر عن المقایسة و الإضافة لا یتّصف إلّا بالخیر، بمعنى أنّ وجود کلّ شیء یلائم ذاته، و إنما یأتی حدیث الشرّ إذا کانت هناک مقایسة إلى موجود آخر، إذا عرفت ذلک فاعلم: أنّ ما یستند إلى الجاعل اوّلًا و بالذات، هو وجوده النفسی، و المفروض أنّ وجود کلّ من المقیس و المقیس إلیه، لا یتّصفان بالشرّ و البلاء، بل بالخیر و الکمال، و أمّا الوجود الإضافی المنتزع من مقایسة إحدى الظاهرتین مع الأخرى فلیس أمراً واقعیاً محتاجاً إلى مبدأ یحقّقها. (1)
1) و إلى ما ذکرنا أشار الحکیم السبزواری بقوله:«کلّ وجود و لو کان إمکانیاً خیر بذاته و خیر بمقایسته إلى غیره، و هذه المقایسة قسمان: أحدهما مقایسته إلى علّته، فإنّ کلّ معلول ملائم لعلّته المقتضیة إیّاه، و ثانیهما مقایسته إلى ما فی عرضه ممّا ینتفع به، و فی هذه المقایسة الثانیة یقتحم شرٌّ ما فی بعض الأشیاء الکائنة الفاسدة فی أوقات قلیلة».شرح المنظومة: المقصد 3، الفریدة 1، غرر فی دفع شبهة الثنویة.