إنّ العقل یدلّ بوضوح على أنّه لیس فی الکون خالق أصیل إلّا اللّه سبحانه، و أنّ الموجودات الإمکانیة مخلوقة للّه تعالى، و ما یتبعها من الأفعال و الآثار، حتى الإنسان و ما یصدر منه، مستندة إلیه سبحانه بلا مجاز و شائبة عنایة، غایة الأمر أنّ ما فی الکون مخلوق له إمّا بالمباشرة أو بالتسبیب.
و ذلک لما عرفت من أنّه سبحانه هو الواجب الغنی، و غیره ممکن بالذات، و لا یعقل أن یکون الممکن غنیاً فی ذاته و فعله عن الواجب، فکما أنّ ذاته قائمة باللّه سبحانه، فهکذا فعله، و هذا ما یعبّر عنه بالتوحید فی الخالقیة. و من عرف الممکن حقّ المعرفة و انّه الفقیر الفاقد لکلّ شیء فی حدّ ذاته، یعد المسألة بدیهیّة.
هذا ما لدى العقل، و أمّا النقل فقد تضافرت النصوص القرآنیة على أنّ اللّه سبحانه هو الخالق، و لا خالق سواه. و إلیک نماذج من الآیات الواردة فی هذا المجال:
«قُلِ اللَّهُ خالِقُ کُلِّ شَیْءٍ وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ» (1)
«اللَّهُ خالِقُ کُلِّ شَیْءٍ وَ هُوَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ وَکِیلٌ» (2)
«ذلِکُمُ اللَّهُ رَبُّکُمْ خالِقُ کُلِّ شَیْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» (3)
«أَنَّى یَکُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَکُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَ خَلَقَ کُلَّ شَیْءٍ» (4)
«یا أَیُّهَا النَّاسُ اذْکُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَیْرُ اللَّهِ» (5)
إلى غیر ذلک من الآیات القرآنیّة الدالّة على ذلک.
1) الرعد: 16.
2) الزمر: 62.
3) المؤمن: 62.
4) الأنعام: 101.
5) فاطر: 3.