جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

ان الله لا یفعل القبیح و لا یترک الواجب و الا لزم محالات‏

زمان مطالعه: 3 دقیقه

فلزمهم من ذلک محالات،

منها امتناع الجزم بصدق الأنبیاء

قال المصنّف رفع اللّه درجته‏

لأنّ مسیلمة الکذّاب (1) لا فعل له، بل القبیح الذی صدر عنه من اللّه تعالى عندهم، فجاز أن یکون جمیع الأنبیاء کذلک، و إنّما یعلم صدقهم لو علمنا أنه تعالى لا یصدر عنه القبیح، فلا نعلم حینئذ نبوّة محمّد نبیّنا صلى اللّه علیه و اله و لا نبوّة موسى و عیسى و غیرهما من الأنبیاء البتة، فأىّ عاقل یرضى أن یقلّد من لم یجزم بصدق نبی من الأنبیاء البتّة؟ و أنه لا فرق عنده بین نبوّة محمّد صلى اللّه علیه و اله و بین نبوّة مسیلمة الکذّاب، فلیحذر العاقل من اتّباع أهل الأهواء و الانقیاد إلى طاعتهم لیبلغهم مرادهم و یربح (2) هو

الخسران بالخلود فی النّیران، و لا ینفعه عذره غدا فی یوم الحساب «انتهى».

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: قد مرّ مرارا أنّ صدق الأنبیاء مجزوم به جزما مأخوذا من المعجزة، و عدم جریان عادة اللّه تعالى على إجراء المعجزة على ید الکذّابین، و أنه یجری مجرى المحال العادی، فنحن نجزم أنّ مسیلمة کذّاب لعدم المعجزة، و نجزم أنّ اللّه تعالى لم یظهر المعجزة على ید الکذّاب، و یفیدنا هذا الجزم العلم العادی، فالفرق بینه و بین الأنبیاء ظاهر مستند إلى العلم العادی، لا إلى القبح العقلیّ الذی یدّعیه.

و ما ذکره من الطامّات و التّنفیر فهو الجری على عادته فی المزخرفات و التّرهات «انتهى».

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

قد مرّ منّا أیضا مرارا أنّ قاعدة جریان العادة مهدومة عن أسّها (3)، و مع ذلک لا یجب جریانها، و لهذا یتعقّبها الخارق من المعجزات و غیرها، فتجویز وقوع الخرق و التخلّف فیها سیّما مع ضمّ العلم بجواز صدور القبیح عن اللّه تعالى یمنع الجزم بصدق الأنبیاء کما لا یخفى، و بالجملة أنّهم لا ینکرون أنّه یجوز على اللّه تعالى فعل ما هو قبیح فی الشّاهد، و لا یقبح بالنّسبة إلیه، فلیجز أن یظهر المعجزة على ید الکاذب و لا یقبح بالنّسبة إلیه، و بعبارة أخرى إذا صحّ أنّ اللّه تعالى یفعل القبائح و لا یقبح منه، فلم لا یجوز أن ینصب الأدلة من المعجزات و غیرها على الباطل؟ و یکون الحقّ عکس ما تقتضیه الأدلة فلا تحصل الثقة بأنّ النّبیّ الذی أظهر دلالة المعجزة صادق، و کذا لا تحصل الثقة بأنّ ما علیه المسلمون‏

من الأدلة حقّ، و یقال لهم ألیس قد ثبت أنّ مسیلمة الکذّاب ادّعى النّبوّة، و قال له أصحابه: صدقت فی أنّک نبیّ، ألیس کلامهم هذا تصدیقا له؟ فلا بدّ من «بلى» فیقال: إذا کان هذا التّصدیق من فعل اللّه تعالى و قد صدّقه، فلم لا یقولون بصدقه؟ و ما الفرق بینه و بین من یدّعی النّبوة فتنطق الأشجار و الأحجار بصدقه، بأن یفعل اللّه فیه ذلک التّصدیق؟ فإن قالوا:

إنّ محمّدا صلى اللّه علیه و اله قال: لا نبیّ بعدی‏(4)، قیل لهم: ما أنکرتم أن یکون هذا من جملة الأکاذیب التی یفعلها اللّه فی العباد و لا یقبح بالنّسبة إلیه، و حینئذ لم یکن محمّد صلى اللّه علیه و اله أولى بالتّصدیق من مسیلمة، و قد صدّقهما اللّه على حدّ واحد.


1) هو مسیلمة المتنبی الذی خرج فی نجد و ادعى النبوة و له أقاصیص مضحکة مع المرأة المدعیة للنبوة مذکورة فی کتب المجون و الحکایات الظریفة الطریفة.

2) اى فلیحذر العاقل أن یصیر سببا لنیل أهل الأهواء بمرادهم، و هو یصیر خاسرا بالخلود فی النیران.

3) الاس من المثلثات: اصل الشی‏ء.

4) رواه ابن حجر فی مجمع الزوائد (الجزء 8 ص 263 ط مصر) عن ابى أمامة الباهلی، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم یقول فی خطبة عام حجة الوداع: ایها الناس انه لا نبى بعدی و لا أمة بعدکم فذکر الحدیث.فی صحیح مسلم (الجزء 7 ص 120 ط مصر) بسنده المنتهى الى عامر بن سعد بن ابى وقاص عن أبیه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم لعلى: أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبى بعدی، و روایة أخرى عن سعد بن ابى وقاص، قال: خلف رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم على بن أبی طالب فی غزوة تبوک، فقال یا رسول اللّه تخلفنی فی النساء و الصبیان فقال أما ترضى أن تکون منى بمنزلة هارون من موسى غیر انه لا نبى بعدی و هذا الحدیث الشریف مروى فی کتب القوم بعدة أسانید فی صحاحهم و کتاب الخصائص للنسائى و کفایة الطالب و منتهى السؤال‏و غیرها، و روى هذا المضمون بعبارات أخر.