قال المصنّف رفع اللّه درجته
الرابع الضّرورة قاضیة بقبح العبث، کمن یستأجر أجیرا لیرمی من ماء الفرات
فی دجلة (1) و یبیع متاعا اعطى فی بلده عشرة دراهم فی بلد آخر یحمله إلیه بمشقّة عظیمة، و یعلم أنّ سعره کسعر بلده بعشرة دراهم أیضا (2)، و قبح تکلیف ما لا یطاق کتکلیف الزمن الطیران إلى السّماء و تعذیبه دائما على ترک هذا الفعل، و قبح من یذمّ العالم الزاهد على علمه و زهده و حسن مدحه، و قبح مدح الجاهل الفاسق على جهله و فسقه و حسن ذمّه علیهما، و من کابر فی ذلک فقد أنکر أجلى الضروریات، لأنّ هذا الحکم حاصل للأطفال، و الضروریّات قد لا تحصل لهم «انتهى».
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول جوابه أن قبح العبث لکونه مشتملا على المفسدة لا لکونه موجبا لتعلّق الذّم بالعقاب و هذا ظاهر، و قبح مذمّة العاقل و حسن مدحة الزاهد للاشتمال على صفة الکمال و النقص، فکل ما یذکر هذا الرجل من الدلائل هو إقامة الدلیل على غیر محل النّزاع، فانّ الأشاعرة معترفون بأن کل ما ذکره من الحسن و القبح عقلیّان (3)، و النزاع (4) فی غیر هذین المعنیین (انتهى)
أقول: [القاضى نور اللّه]
قد مرّ مرارا ما یقوم دفعا لهذا الجواب فتذکّر.
1) اى من غیر غرض عقلائى.
2) حیث لم یترتب علیه غرض عقلائى.
3) قال المصنف فی نهایة الوصول: هذا المذهب اى الحکم بکون الحسن و القبح عقلیین صار الیه جمیع الامامیة و الکرامیة و الخوارج و البراهمة و الثنویة و غیرهم سوى الاشاعرة حتى أن الفلاسفة حکموا بحسن کثیر من الأشیاء و قبح بعضها بالعقل «انتهى» منه «قده».
4) و أنت خبیر بأن ما یذکره الناصب من باب توجیه ما لا یرضى صاحبه و الخروج عن محل النزاع، إذ المتنازع فیه من الصدر الاول بین علماء الإسلام هو الحسن و القبح العقلیان دون الثواب و العقاب، و التزام الرجل بهذا المعنى من باب تشبث الغریق بالحشیش.