جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

فى تفرد الامامیة و متابعیهم بانه لم یکلف احدا فوق طاقته‏

زمان مطالعه: 4 دقیقه

قال المصنّف رفعه اللّه‏

و قالت الإمامیّة: إن اللّه سبحانه و تعالى لم یکلف أحدا فوق طاقته، و قالت الأشاعرة: لم یکلّف اللّه أحدا إلا فوق طاقته (1)، و ما لا یتمکّن من ترکه و فعله، و لامهم (2)

على ترک ما لم یعطهم القدرة على فعله، و جوّزوا أن یکلّف اللّه تعالى مقطوع الید الکتابة، و من لا مال له الزّکاة، و من لا یقدر على المشی للزّمانة، (3) الطیران إلى السّماء، و أن یخلق العاطل الزّمن المفلوج الأجسام، و أن یجعل القدیم محدثا، و المحدث قدیما و جوّزوا أن یرسل رسولا إلى عباده بالمعجزات لیأمرهم بأن یجعلوا الجسم الأسود أبیض دفعة واحدة، و یأمرهم بالکتابة الحسنة، و لا یخلق لهم الأیدی و الآلات، و أن یکتبوا فی الهوا بغیر دوات و لا مداد و لا قلم و لا ید ما یقرؤه کلّ أحد، و قالت الإمامیة: ربنا أعدل و أحکم من ذلک.

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: تکلیف ما لا یطاق جائز عند الأشاعرة، لأنّه لا یجب على اللّه شی‏ء و لا یقبح منه فعل، إذ یفعل ما یشاء و یحکم ما یرید، و منعه المعتزلة لقبحه عقلا و الحال أنهم لا بدّ أن یقولوا به، فانّ اللّه تعالى أخبر بعدم ایمان أبی لهب و کلّفه الایمان، فهذا تکلیف ما لا یطاق، لأنّ ایمانه محال و فوق طاقته، لأنّه إن آمن لزم الکذب فی خبر اللّه تعالى و هو محال اتّفاقا، و هذا شی‏ء یلزم المعتزلة القول بتکلیف ما لا یطاق، ثمّ إنّ ما لا یطاق على مراتب أوسطها ما لا یتعلّق به القدرة الحادثة عادة سواء امتنع تعلّقها به لا لنفس مفهومه لخلق الأجسام، أم لا، بأن یکون من جنس ما یتعلق به کحمل الجبل و الطیران إلى السماء، و الأمثلة التی ذکرها الرّجل الطاماتی، فهذا یجوّزه الأشاعرة و إن لم یقع بالاستقراء، و لقوله تعالى: لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها (4)، و قد عرفناک معنى هذا التّجویز فیما سبق «انتهى»

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

قد مرّ أن الوجوب الذی ذهب إلیه الإمامیّة و المعتزلة إنّما

هو بمعنى إیجاب اللّه تعالى على نفسه شیئا بمقتضى حکمته، کما دلّ علیه قوله تعالى و کَتَبَ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (5)، و غیر ذلک، لا بمعنى إیجاب غیره تعالى شیئا علیه کما توهّمه الأشاعرة، و الإیجاب بذلک المعنى ممّا یجب القول به لقیام الدّلیل علیه کما عرفت و أما قوله إذ یفعل ما یشاء، فان أراد به الإشارة إلى قوله تعالى:

یَفْعَلُ اللَّهُ ما یَشاءُ یتوجه علیه أنّه لا یستلزم أن یشاء القبیح أیضا، و هو ظاهر فلا یدلّ على صدور القبیح منه تعالى، و إن ذکره کلاما من عند نفسه من غیر الاشارة إلى الآیة فلا التفات الیه أصلا و أما قوله: و الحال أنّهم لا بدّ أن یقولوا به، فانّ اللّه تعالى أخبر بعدم ایمان أبی لهب «إلخ» فمردود بأنّ لنا ألف مندوحة عن ذلک، فانّ شبهة إخبار اللّه تعالى بعدم إیمان أبی لهب شبهة سخیفة عتیقة رمیمة، قد أجاب عنها المصنّف قدّس سرّه فی کتابی تهذیب الأصول و نهایة الوصول بالمنع من الأخبار بعدم ایمان أبی لهب، و الوعد [ظ الوعید] بأنّه سیصلى نارا لا یدلّ على الاخبار بعدم تصدیقه للنّبی صلى اللّه علیه و اله، لإمکان تعذیب المسلم کالفاسق، و لو سلّم فلنا أن نقول إنّه سیصلى النّار على تقدیر عدم ایمانه، و کذا قوله تعالى فی قصّة نوح: أَنَّهُ لَنْ یُؤْمِنَ لک مِنْ قَوْمِکَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ (6) أى بتقدیر عدم هدایة اللّه تعالى لهم إلى ذلک، سلّمنا لکن نمنع أنهم کلّفوا بتصدیق النبی صلى اللّه علیه و اله فیما أخبر به من عدم تصدیقهم بنبوّته لجواز وروده حال غفلتهم أو نومهم أو بعد التکلیف، و لو سلّم أنّ تصدیق اللّه تعالى فی کلّ ما أخبره به من الایمان لم یلزم منه أمره بتصدیق هذا الخبر عینا، لأنّ الایمان إنّما یجب بما علم مجیئه به لا بما جاء به مطلقا، سواء علمه المکلف أو لم یعلمه، و لا نسلّم أنّ هذا الخبر ممّا علم أبو لهب مجیئه به حتّى یلزم تصدیقه به، و تلخیصه‏

أنّ الإیمان التّصدیق الإجمالی بأنّ کلّ ما جاء به فهو حقّ و لیس فی هذا التّصدیق الاجمالی من أبی لهب استحالة، و أمّا التّصدیق التفصیلی فهو مشروط بعلمه بوجود هذا الخبر عینا و لا نسلّم علم أبی لهب به حتّى یلزم المحال، و لنختم هذا الفصل ببعض المناظرات الجاریة فی هذا الباب، قال عدلىّ لصقر المجبّر (7) أ کان فرعون یقدر على الإیمان؟ قال: لا، قیل أ فعلم موسى أنّه لا یقدر؟ قال: نعم، قیل فلم بعثه اللّه إلیه؟! قال سخر به. و اجتمع النّظام (8) و النّجار للمناظرة فقال له النّجار:

لم تدفع أن یکلّف اللّه عباده ما لا یطیقون، فسکت النّظام، فقیل له لم سکت؟

قال: کنت أرید بمناظرته أن الزمه القول بتکلیف ما لا یطاق فإذا التزمه و لم یستحی فما الزمه، و قال مجبر لعیدان (9) و کان ظریفا: ما دلیلک على أن الاستطاعة قبل الفعل؟ قال: الهرة و الفارة، قال أ تهزأ بی قال: ما قلت إلا الحق. لو لا أنّ‏

الفارة (10) تعلم أن السنّور (11) یقدر على أخذها لما هربت منها، و سأل عدلی مجبّرا عن قوله تعالى: وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ یُؤْمِنُوا (12) قال: هذا لا معنى له، لأنه المانع لهم قال فما معنى قوله ما یَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِکُمْ إِنْ شَکَرْتُمْ وَ آمَنْتُمْ (13)، قال: قد فعل ذلک لهم و عذّبهم من غیر ذنب، و لا معنى لهذه الآیات، قال: هذا رد للکتاب، و قال: ایش (14) اصنع إذا کان هذا هو المذهب، و سیجی‏ء تفصیل الکلام فی هذه المسألة فی المطلب الثامن المعقود للبحث بالذّات عنها فانتظر.


1) و ذلک لسلب الاختیار عنه على مذهب الاشاعرة.

2) لا مهم: فعل ماض من اللوم.

3) الزمانة بفتح الزاء المعجمة: العاهة، عدم بعض الأعضاء، تعطیل القوى، و لعل الکلمة معربة أو دخیلة.

4) البقرة. الآیة 286.

5) الانعام. الآیة 12.

6) هود. الآیة 36.

7) هو الصقر بن حبیب البصری المتکلم المتوغل فی مسألة الجبر، صاحب المناظرات فی هذا الباب، روى عن أبى رجاء العطاردی، نقل ابن حجر عن ابن حبان فی حقه ما لفظه:أنه شیخ من اهل البصرة سلولى.

8) هو أبو اسحق ابراهیم بن سیار بن هانی البصری ابن اخت أبى الهذیل العلاف شیخ المعتزلة فی وقته، عنه أخذ الجاحظ، و کلماته فی الکتب مشهورة ککون الملاک فی الصدق و الکذب المطابقة مع الاعتقاد و عدمها، و خلود المرتکب للکبائر فی النار، و اشتهر بالنظام لأنه کان ینظم الخرز فی سوق البصرة، توفى سنة 221، و له کتب و تصانیف معروفة، و الیه تنسب النظامیة من المعتزلة، و النظام کشداد کما عرفت، و المترجم غیر النظام بکسر النون النیسابوری صاحب التفسیر المشهور و شرح الشافیة.

9) هو رجل مشهور بالظرافة و الدعابة و المجون، و له أقاصیص و حکایات مذکورة فی کتب الظرفاء.

10) الفأر. على وزن فضل: دویبة فی البیوت، تصطادها الهرة، جمعه فئران و فآرة، و الواحدة فارة للمذکر و المؤنث.

11) السنور. بکسر السین و فتح النون المشددة و سکون الواو: الهرة، جمعه سنانیر و سناره.

12) البقرة. الآیة 114.

13) النساء. الآیة 147.

14) ایش مخفف أى شی‏ء، و منه قول بعض حیث سأل عن صدیقه. استنصح ثقة أیش تصحیفه، قال أتیت بتصحیفه فراجع المحسنات اللفظیة من البدیع.