قال المصنّف رفع اللّه درجته
البحث الرابع فی امتناع الإدراک عند فقد الشّرائط، و الأشاعرة خالفوا جمیع العقلاء فی ذلک و جوّزوا الإدراک مع فقد جمیع الشرائط، فجوّزوا فی الأعمى إذا کان فی المشرق أن یشاهد و یبصر النّملة الصغیرة السوداء على صخرة سوداء فی طرف المغرب فی اللّیل المظلم، و بینهما ما بین المشرق و المغرب من البعد، و بینهما
حجب جمیع الجبال و الحیطان، و یسمع الأطروش (1) و هو فی طرف المشرق، أخفى صوت یسمع، و هو فی طرف المغرب، و کفى من اعتقد ذلک نقصا و مکابرة للضّرورة و دخولا فی السفسطة. هذا اعتقادهم، و کیف یجوز لعاقل، أن یقلّد من کان هذا اعتقاده؟! و ما أعجب حالهم یمنعون من مشاهدة أعظم الأجسام قدرا و أشدّها لونا و إشراقا و أقربها إلینا مع ارتفاع الموانع و حصول الشّرائط و من سماع الأصوات الهائلة القریبة، و یجوّزون مشاهدة الأعمى لأصغر الأجسام و أخفاها فی الظلم الشّدیدة و بینهما غایة البعد، و کذا فی السّماع، فهل بلغ أحد من السّوفسطائیّة فی إنکارهم المحسوسات إلى هذه الغایة، و وصل إلى هذه النّهایة؟! مع أن جمیع العقلاء حکموا علیهم بالسفسطة، حیث جوّزوا انقلاب الأوانی التی فی دار الإنسان حال خروجه أناسا فضلاء مدقّقین فی العلوم حال الغیبة، و هؤلاء جوّزوا حصول مثل هذه الأشخاص فی الحضور و لا یشاهدون، فهم أبلغ فی السّفسطة من أولئک، فلینظر العاقل المنصف المقلّد، هل یجوز له أن یقلّد مثل هؤلاء القوم و یجعلهم واسطة بینه و بین اللّه تعالى و یکون معذورا برجوعه إلیهم و قبوله منهم أم لا؟! فإن جوّز ذلک لنفسه بعد تعقّل ذلک و تحصیله، فقد خلص المقلّد من إثمه وباء (2) هو بالإثم، نعوذ باللّه من مزال الأقدام و قال بعض الفضلاء و نعم ما قال: کلّ عاقل جرّب الأمور فإنّه لا یشکّ فی إدراک السّلیم حرارة النّار إذا بقی فیها مدّة مدیدة حتّى تنفصل أعضائه، و محال
أن یکون أهل بغداد على کثرتهم و صحّة حواسّهم، یجوز علیهم جیش عظیم و یقتلون و تضرب فیهم البوقات (3) الکثیرة و یرتفع الرّیح و تشتدّ الأصوات و لا یشاهد ذلک أحد منهم و لا یسمعه، و محال أن یرفع أهل الأرض بأجمعهم أبصارهم إلى السّماء و لا یشاهدونها، و محال أن یکون فی السّماء ألف شمس، و کلّ واحدة منها ألف ضعف من هذه الشّمس و لا یشاهدونها، و محال أن یکون لإنسان واحد مشاهد أنّ علیه رأسا واحدا، ألف رأس لا یشاهدونها، و کلّ واحد منها مثل الرّأس الذی یشاهدونها، و محال أن یخبر واحد بأعلى صوته ألف مرّة بمحضر ألف نفس کلّ واحد منهم یسمع جمیع ما یقوله: بأنّ زیدا ما قام و یکون قد أخبر بالنّفى، و لم یسمع الحاضرون حرف النّفى مع تکرّره ألف مرّة، و سماع کلّ واحد منهم جمیع ما قاله، بل علمنا بهذه الأشیاء أقوى بکثیر من علمنا بأنّا حال [خ ل حین] خروجنا من منازلنا، لم تنقلب الأوانی التی فیها، أناسا مدقّقین فی علم المنطق و الهندسة، و أن ابنی الذی شاهدته بالأمس، هو الذی شاهدته الآن، و أنّه لم یحدث حال تغمیض العین ألف شمس، ثم انعدم عند فتحها، مع أنّ اللّه تعالى قادر على ذلک کلّه، و هو فی نفسه ممکن، و أنّ المولود الرّضیع الذی یولد فی الحال إنما یولد من الأبوین، و لم یمرّ علیه ألف سنة مع إمکانه فی نفسه، و بالنّظر إلى قدرة اللّه تعالى، و قد نسبت السّوفسطائیة إلى الغلط و کذبوا کلّ التکذیب فی هذه القضایا الجائزة فکیف بالقضایا التی جوّزها الأشعریة التی تقتضی زوال الثّقة عن المشاهدات؟! و من أعجب الأشیاء جواب رئیسهم و أفضل متأخریهم فخر الدین الرازی (4) فی هذا الموضع حیث قال: یجوز أن یخلق اللّه
تعالى فی الحدیدة المحماة بالنّار برودة عند خروجها من النّار، فلهذا لا یحسّ بالحرارة و اللّون الذی فیها، و الضّوء المشاهد فیها یجوز أن یخلقه اللّه تعالى فی الجسم البارد، و غفل عن أنّ هذا لیس بموضع النّزاع، لأن المتنازع فیه: أنّ الجسم الذی هو فی غایة الحرارة یلمسه الإنسان الصحیح البنیة السّلیم الحواسّ حال شدّة حرارته و لا یحسّ بتلک الحرارة فإنّ أصحابه یجوّزون ذلک، فکیف یکون ما ذکره جوابا؟ «انتهى»
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول: حاصل جمیع ما ذکره فی هذا الفصل بعد وضع القعقعة (5) انّ الأشاعرة لا ینبرون وجود الشّرائط و عدمها فی تحقّق الرّؤیة و عدم تحقّقها، و لعدم هذا الإعتبار دخلوا فی السّوفسطائیة، و نحن نبیّن لک حاصل کلام الأشاعرة فی الرّؤیة لتعرف أنّ هذا الرّجل مع فضیلته، (6) قد أخذ سبل(7) التّعصب عین
بصیرته، فنقول: ذهب السّوفسطائیة إلى نفى حقائق الأشیاء، فهم یقولون: إن حقیقة کلّ شیء لیست حقیقته، فالنّار لیست بالنّار، و الماء لیس بالماء، و یجوز أن یکون حقیقة الماء حقیقة النّار و حقیقة الماء حقیقة الهواء، و لیس لشیء حقیقة، فیلزمهم أن تکون النّار التی نشاهدها لا تکون نارا، بل ماء و هواء، أو غیر ذلک، و هذا هو السفسطة، و ینجرّ هذا إلى ارتفاع الثّقة من المحسوسات و تبطل به الحکمة الباحثة عن معرفة الأشیاء و أما حاصل کلام الأشاعرة فی مبحث الرّؤیة و غیرها ممّا ذکره هذا الرّجل، فهو أنّ الأشیاء الموجودة عندهم إنّما تحصل و توجد بإرادة الفاعل المختار و قدرته التی هی العلّة التّامة لوجود الأشیاء فإذا کانت القدرة هی العلّة التّامة فلا یکون وجود شیء واجبا عند حصول الأسباب الطبیعیّة، و لا یکون شیء مفقودا بحسب الوجود عند فقدان الأسباب و الشرائط، و لکن جرت عادة اللّه تعالى فی الموجودات: أنّ الأشیاء تحصل عند وجود شرائطها (8) و تنعدم عند انعدامها، فهذه العادة فی الطبیعة جرت مجرى الوجوب، فالشّیء الذی له شرائط فی الوجود یجب تحقّقه عند وجود تلک الشرائط و انتفائه عند انتفائها بحسب ما جرى من العادة، و إن کان ذلک الشیء بالنسبة إلى القدرة غیر واجب، لا فی صورة التحقّق لتحقّق الشرائط و لا فی الانتفاء لانتفائها، بل جاز فی العقل تحقّق الشّرائط و تخلف ذلک الشیء و کذا تحقّق ذلک الشیء مع انتفاء الشرائط إذ لم یلزم منه محال عقلیّ، و ذلک بالنّسبة إلى قدرة المبدأ الذی هو الفاعل المختار مثلا الرّؤیة التی نحن نباحث فیها لها شرائط وجب تحقّقها عند تحقّقها و امتنع وقوعها عند فقدان الشّرائط، کلّ ذلک بحسب ما جرى من عادة اللّه تعالى فی خلق
بعض الموجودات بإیجاده عند وجود الأسباب الطبیعیّة دون انتفائها، فعدم تحقّق الرّؤیة عند وجود الشرائط أو تحقّقها عند فقدان الشرائط محال عادة، لأنّه جار على خلاف عادة اللّه و إن کان جائزا عقلا، إذا جعلنا قدرة الفاعل و إرادته، علّة تامّة لوجود الأشیاء، هذا حاصل مذهب الأشاعرة، فیا معشر الأذکیاء أین هذا من السّفسطة؟! و إذا عرفت هذا سهل علیک جواب کلّ ما أورده هذا الرّجل فی هذه المباحث من الاستبعادات و التّشنیعات. و أما جواب الإمام الرّازی: فهو واقع بإزاء الاستبعاد فإنّهم یستبعدون أنّ الحدیدة المحماة الخارجة من التنّور یجوز عقلا أن لا تحرق شیئا، فذکر الإمام (9) وجه الجواز عقلا بخلق اللّه تعالى عقیب الخروج من التنّور برودة فی تلک الحدیدة، فیکون جوابه صحیحا و اللّه أعلم بالصّواب، و أما قوله (إنّ المتنازع فیه أنّ الجسم الذی فی غایة الحرارة یلمسه الإنسان الصّحیح البنیة السّلیم الحواسّ حال شدّة حرارته و لا یحسّ بتلک الحرارة فإنّ أصحابه یجوزون ذلک) فنقول فیه: قد عرفت آنفا ما ذکرناه من معنى هذا التّجویز، و أنّه لا ینافی الاستحالة عادة، فهم لا یقولون: إنّ هذا لیس بمحال عادة و لکن لا یلزم منه محال عقلیّ (10) کاجتماع الوجود و العدم، فیجوز أنّ تتعلّق به القدرة الشّاملة الإلهیّة، و تمنع
الحرارة من التّأثیر، و من أنکر هذا فلینکر (11) کون النّار بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِیمَ «انتهى کلامه»
أقول: [القاضى نور اللّه]
و حاصل ما ذکره فی جلّ (12) هذا الفصل یرجع إلى التّشکیک فی البدیهی أو جعل النّزاع لفظیا کما حقّقناه سابقا، و لنفصّل الکلام فی تزییف ما نسجه من المقدّمات لئلا یظنّ بنا ظانّ أنّ اکتفاءنا بالإجمال للعجز عن إیضاح المقال، فنقول أولا: لا نسلّم أنّ جمیع السوفسطائیّة ذهبوا إلى نفى حقائق الأشیاء فإنّ أفضل السّوفسطائیة و هم اللاأدریّة (13) على ما فی المواقف، قائلون: بالتوقّف فی بطلان الحسّیّات لا بنفی حقائق الموجودات، و هم اللّذون نسبوا إلیهم جواز انقلاب الأوانی فی الدّار أناسا فضلاء، و شبّهوا مقالة الأشاعرة بمقالتهم، فما ذکره فی بیان الفرق من أنّ السّوفسطائیة ذهبوا إلى نفى حقائق الأشیاء لیس على إطلاقه نعم ذلک النّفى منسوب إلى طائفة أخرى منهم یسمّون بالعنادیّة، (14) و لا یلزم من
عدم مناسبة قول الأشاعرة، لقول الفرقة الثّانیة، عدم مناسبته و مشابهته للسّفسطة مطلقا، و بالجملة ما تکلّفه فی بیان الفرق بین مذهبی السّوفسطائیة و الأشاعرة لا یدفع اشتراکهما فی أصل السّفسطة، لأن السّوفسطائیة على ما قرّره ینفون کون أصل الحقائق من الأسباب و المسبّباب موجودة، و الأشاعرة ینفون کون سببیّة تلک الأسباب و مسببیّة مسبّباتها موجودة، فکلا النّفیین نفى للموجود مخالف (15) لبدیهة العقل کما لا یخفى، ثم لا یخفى ما ذکره فی تقریر کلام السّوفسطائیة (من تجویزهم أن تکون حقیقة الماء حقیقة النّار إلخ) لأنّ هذا التّجویز فرع القول بثبوت الحقیقة، و المفروض أنّهم ینفون حقائق الأشیاء تأمل (16) [و ایضا] ذکر فی شرح المواقف: أنّه لیس یمکن أن یکون فی العالم قوم عقلاء ینحلون ما نسب إلى جماعة سمّوهم بالسّوفسطائیة، بل کلّ غالط سوفسطائی (17) فی موضع غلطه «انتهى،» فلم لا یحمل کلام المصنّف العلامة فی قوله: و هل بلغ أحد من
السّوفسطائیة «إلخ» على هذا المعنى؟ حتّى لا یقع فی الغلط. (و ثانیا) إنّما ذکره فی بیان حاصل کلام الأشاعرة من أنّ الأشیاء الموجودة عندهم إنّما تحصل و توجد بإرادة الفاعل المختار و قدرته التی هی العلّة التّامّة لوجود الأشیاء «إلخ» مدخول بأنّه کلام متناقض لأن حصره للعلّة التّامّة فی القدرة آخرا مناف لقوله: إنّما یحصل و یوجد بإرادة الفاعل المختار، بل ربّما یشعر بعدم مدخلیة ذات الفاعل فی ذلک، و فیه ما فیه، مع أنّ فی کون الباری تعالى و قدرته القدیمة علّة تامّة للحوادث کلام مذکور فی علمی الحکمة و الکلام، و حاصله أنّه لو کان الواجب تعالى و قدرته القدیمة علّة تامّة للحوادث لزم قدم الحادث أو حدوث الواجب تعالى، و استوضح ذلک فی الکتب المتداولة بما لا مزید علیه، فلیطالع ثمة، و باقی المقدّمات من تجویز الأمور المخالفة لبدیهة العقل و الحسّ إعادة لما ذکره فی شرحه للمباحث السّابقة، و قد ذکرنا ما فیه ثمّة فتذکر. (و ثالثا) أنّ ما ذکره فی تأویل جواب الرّازی غیر منتهض على دفع الاستبعاد الذی قرّره هذا الشّارح، فإن الاستبعاد إنّما وقع فی تجویز عدم الإحساس بمسّ الجسم الحارّ حال حرارته لا مطلقا، کما یدلّ علیه تصویره للصورة التی استبعدها الخصم، و بما قرّرناه سابقا من عدم جدوى المعنى الذی ذکروه لتجویزهم، ما وقع فیه الاستبعاد، اندفع ما ذکره هاهنا بقوله:
فقد عرفت آنفا ما ذکر من معنى هذا التّجویز «إلخ»، (و رابعا) أنّ ما ذکره، من أنّ من أنکر هذا فلینکر کون النّار بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِیمَ علیه السّلام، مدفوع بما ذکره فی حاشیة شرحه من أنّه لا یلزم من إنکار هذا إنکار الآیة، لجواز أن تکون واقعة إبراهیم علیه السّلام على طریقة: أن اللّه تعالى سلب الحرارة من النّار، و ما ذکره ثمّة فی جوابه من أنّ الظاهر من لفظة على فی قوله تعالى: بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِیمَ أنّ النّار مع اتصافها بالحرارة لم تؤثر فی إبراهیم علیه السّلام لا أنّها صارت باردة، و إلا کان الأنسب الاکتفاء بالبرد فقط مردود بإجماع المفسّرین على
خلاف ما حکم بأنسبیّته، و کیف یکون کذلک؟ مع ظهور أنّ الاکتفاء بقوله: بردا یوهم کون البرد المتعدّی بعلى للمضرة، و ما قال من أنّ هذا یعرفه الذّوق الصحیح: إن أراد به مذاق نفسه فهو لا یصیر حجّة على أحد، فإنّ مذاقه الصّفراوی المبتلى بمرارة عداوة أهل البیت علیهم السّلام و شیعتهم، ربما یجد الأمر على خلاف ما هو علیه کما یجد الصفراوی العسل مرّا، و إن أراد به ذوق غیره، فعلى تقدیر حجّیته لا نسلّم أنّهم یجدون معنى الآیة على حسب ما وجده کما أوضحناه، و هذا لم یکن مما یخفى على من به أدنى مسکة (18)، لکن دیدن المحجوج المبهوت دفع الواضح و إنکار المستقیم بدعوى الذّوق و الفهم السّقیم شعر:
و کم من عائب قولا صحیحا
و آفته من الفهم السّقیم
1) الأطروش: الأصم، و قد یطلق على السمیع، فاللفظ من الاضداد، و المراد هاهنا المعنى الاول.
2) و قال فی النهایة: أبوء بنعمتک أى ألتزم و أرجع و أقر، و أصل البواء اللزوم، و منه الحدیث فقد باء به أحدهما أى التزمه و رجع به، و العرب یقول: باء بذنبه إذا احتمله کرها لا یستطیع دفعه عن نفسه، و منهقوله علیه السلام فی الدعاء المروی: و أبوء إلیک من ذنبی.
3) جمع البوق و هی آلة ینفخ فیها.
4) هو العلامة فخر الدین محمد بن عمر الرازی الشافعی المشتهر بالإمام المتوفى سنة 606 صاحب التفسیر الکبیر المسمى بمفاتیح الغیب و عدة کتب، و ما نقله مولانا القاضی الشهید هاهنا مذکور فی کتاب محصل أفکار المتقدمین و المتأخرین من الحکماء و هذا الرجل من النوابغ فی الفنون، و له ید طولى و باع غیر قصیر فی إبداع الشکوک بالنسبة الى مسائل العلوم، و من ثم اشتهر بإمام المشککین، و بالجملة الرجل من فطاحل العلم و فرسانه، و فضله لا ینکر و ان کانت له زلات فی الأصول و الفروع کتجویزه الرؤیة و الجبر فی أفعال العباد و انسداد باب الاجتهاد و غیرها من المناکیر عند المحققین، و لا غرو أن یزل قدمه مع مقامه الشامخ حتى وصف بالإمام، و ذلک لبعده و حرمانه عن کلمات الأئمة من أهل البیت علیهم السلام، المنتهیة علومهم الى النبی صلى اللّه علیه و اله المتخذ من عالم الجبروت.
5) القعقعة: صوت السلاح.
6) انظر کیف یعترف بفضیلة المصنف؟ و قد نفاها سابقا من شدة التعصب و العناد، و الفضل ما شهدت به الأعداء.
7) السبل: بفتح الاول و الثانی غشاوة تعرض للعین، أو عرق أحمر یحدث فی سطح العین.
8) لیس المراد بالشرط هنا، هو المعنى الذی اصطلح علیه الفلاسفة، بل المراد ما یقال له الشرط فی العرف بحسب ما یشاهد من المصاحبة الدائمة او الاکثریة بینه و بین ما یعتبر أنه المشروط کالنار للإحراق، و الاکل للشبع. من الفضل بن روزبهان.
9) حاصل الکلام، أن جواب الامام الرازی لیس فی موقع تصحیح ما ذهب الیه الاشاعرة، من أنه یمکن بحسب الذات تحقق الأسباب الطبیعیة مع انتفاء المسببات و ان کان ذلک محالا عادة، بل هو واقع بإزاء الاستبعاد، و اللّه أعلم. من الفضل بن روزبهان.
10) فان قیل: لا یلزم من انکار هذا انکار الآیة، لجواز أن تکون واقعة ابراهیم علیه السلام على طریقة أن اللّه تعالى سلب الحرارة من النار. قلت: الظاهر من لفظ على فی قوله تعالى: بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِیمَ، أن النار مع اتصافها بالحرارة کانت لم تؤثر فی ابراهیم، لا أنها صارت باردة و الا کان الأنسب الاکتفاء بالبرد فقط، و هذا مما یعرفه الذوق الصحیح. من الفضل بن روزبهان.
11) و أنت خبیر لو جوز تخلف الآثار عن مؤثراتها لم یبق حجر على حجر و لا محال عقلی؛ و الالتزام بذلک مما لا یلتزم به.
12) جل کل شیء بالضم: معظمه.
13) هم قوم ینکرون العلم بثبوت شیء و بلا ثبوته و یزعمون أنه شاک، و شاک فی انه شاک و هلم جرا، هکذا أفاد الجرجانی فی رسالة الحدود انتهى. و سیأتی منا أن اللاادریة فرقة من السوفسطائیة فی مقابل العنادیة بالمعنى الأخص المذکور فی الکلام و علم آداب البحث و المناظرة. ثم قد عد من رؤساء اللاأدریة حارث البلخی حتى ینقل عنه أنه قال حین موته: ما تیقنت بشیء و لا شککت فیه، و ألزمه بعض الحاضرین بجزمه بعدم یقینه و عدم شکه اللذین هما من الکیفیات النفسانیة.
14) العنادیة لها إطلاقات فی علوم الکلام و المیزان و المناظرة.ففی المنطق، هی قضیة یکون التنافی فیها لذاتی الجزئین مع قطع النظر عن الواقع،کما بین الفرد و الزوج، و الحجر و الشجر.و فی الکلام یطلق على فرقة من السوفسطائیة و هم الذون أذعنوا بحقیقة الشیء البدیهی قلبا و أنکروها ظاهرا فی مقام العناد و اللجاج.و فی علم المناظرة و آداب البحث، تطلق تارة و یراد منها المعنى المذکور، و أخرى المعنى الأعم أى یطلق على کل معاند و لجوج فی الأمور، سواء کان المورد من الأمور الضروریة او النظریة و الخصم شاکا او متیقنا، و أنت إذا أحطت خبرا بما تلونا علیک دریت أن اللاأدریة تقابل المعنى الکلامى و أحد معنیی المناظرة فلا تغفل.
15) صفة للنفی المرفوع، لا للموجود المجرور.
16) التأمل تدقیقى، أو إشارة الى أنه على سبیل الفرض، و ان کان على خلاف مبنى أهل السفسطة.
17) و بعبارة أخرى: کل منکر للضرورة سوفسطائى.
18) المسکة. بالضم العقل.