دلّت الآیات و الروایات على خلود الإنسان فی الآخرة، إمّا فی جنّتها و نعیمها، أو فی جحیمها و عذابها مع أنّ القوانین العلمیة دلّت على أنّ المادّة حسب تفجُّر طاقاتها، على مدى أزمنة طویلة، تبلغ إلى حدّ تنفد طاقتها، فلا یمکن أن یکون للجنّة و النار بقاء، و للإنسان خلود.
و الجواب، أنّ السؤال ناش من مقایسة الآخرة بالدنیا و هو خطأ فادح، لأنّ التجارب العلمیة لا تتجاوز نتائجها المادّة الدنیویة، و إسراء حکم هذا العالم إلى العالم الآخر، و إن کان مادیّاً، قیاس بلا دلیل، فللآخرة أحکام تخصّها لا یقاس بها أحکام هذه النشأة یقول سبحانه: «یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ» (1)
قال العلّامة الطباطبائی:
المسلم من التبدّل أنّ حقیقة الأرض و السماء و ما فیهما یومئذ هی هی، غیر أنّ النظام الجاری فیهما یومئذ غیر النظام الجاری فیهما فی الدنیا. (2)
و قد تعلّقت مشیئته تعالى بإخلاد الجنّة و النار و الحیاة الأُخرویة، و له إفاضة الطاقة، إفاضة بعد إفاضة على العالم الأُخروی و یعرب عن ذلک قوله سبحانه:
«کُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَیْرَها لِیَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ کانَ عَزِیزاً حَکِیماً» (3)
1) إبراهیم: 48.
2) المیزان: 12 / 93.
3) النساء: 56.