إنّ بعض المنصفین من المصریّین المعاصرین (1) قد اعترف بالحقّ، و أراد الجمع بین رأیی السنّة و الشیعة فی حقّ الصحابة، فقال:
إنّ منهج أهل السنّة فی تعدیل الصحابة أو ترک الکلام فی حقّهم منهج أخلاقی، و إنّ طریقة الشیعة فی نقد الصحابة و تقسیمهم إلى عادل و جائر منهج علمی، فکلّ من المنهجین مکمّل للآخر- إلى أن قال:- إنّ الشیعة و هم شطر عظیم من أهل القبلة یضعون جمیع المسلمین فی میزان واحد، و لا یفرّقون بین صحابی و تابعی و متأخر، کما لا یفرقون بین متقدّم فی الإسلام و حدیث عهد به إلّا باعتبار درجة الأخذ بما جاء به حضرة
الرسول صلى الله علیه و آله و الأئمّة الاثنا عشر بعده، و إنّ الصحبة فی ذاتها لیست حصانة یتحصّن بها من درجة الاعتقاد، و على هذا الأساس المتین أباحوا لأنفسهم- اجتهاداً- نقد الصحابة و البحث فی درجة عدالتهم، کما أباحوا لأنفسهم الطعن فی نفر من الصحابة أخلّوا بشروط الصحبة و حادوا عن محبة آل محمّد علیهم السلام، کیف لا، و قد قال الرسول الأعظم صلى الله علیه و آله:
«إنّی تارک فیکم ما إن تمسّکتم بهما لن تضلّوا، کتاب اللّه و عترتی آل بیتی …».
و على أساس هذا الحدیث و نحوه یرون أنّ کثیراً من الصحابة خالفوا هذا الحدیث، باضطهادهم لآل محمّد و لعنهم لبعض أفراد هذه العترة، و من ثمّ فکیف یستقیم لهؤلاء المخالفین شرف الصحبة، و کیف یوسموا باسم العدالة؟!
ذلک هو خلاصة رأی الشیعة فی نفی صفة العدالة عن بعض الصحابة، و تلک هی الأسباب العلمیة الواقعیة الّتی بنوا علیها حججهم (2)
1) الأستاذ داود حنفی المصری.
2) بحوث فی الملل و النحل: 1 / 224- 227.