نختم المقال بنقل کلام للعلّامة الشهرستانی حیث قال:
إنّ التقیّة شعار کلّ ضعیف مسلوب الحرّیّة، إنّ الشیعة قد اشتهرت بالتقیة أکثر من غیرها لأنّها منیت باستمرار الضغط
علیها أکثر من أیّة أمّة أخرى، فکانت مسلوبة الحریة فی عهد الدولة الأمویة کلّه، و فی عهد العباسیّین على طوله، و فی أکثر أیّام الدولة العثمانیّة، و لأجله استشعروا بشعار التقیّة أکثر من أیّ قوم، و لما کانت الشیعة تختلف عن الطوائف المخالفة لها فی قسم مهم من الاعتقادات فی أصول الدین و فی کثیر من الأحکام الفقهیة، و المخالفة تستجلب بالطبع رقابة، و تصدّقه التجارب، لذلک أصبحت الشّیعة مضطرّة فی أکثر الأحیان إلى کتمان ما تختصّ به من عادة أو عقیدة أو فتوى، و کتاب أو غیر ذلک، تبتغی بهذا الکتمان صیانة النفس و النفیس، و المحافظة على الوداد و الأخوّة مع سائر إخوانهم المسلمین لئلّا تنشقّ عصا الطاعة، و لکی لا یحسّ الکفّار بوجود اختلاف ما فی المجتمع الإسلامی فیوسع الخلاف بین الأُمّة المحمّدیة- إلى أن قال:- لقد کانت التقیة شعاراً لآل البیت علیهم السلام دفعاً للضرر عنهم و من أتباعهم و حقنا لدمائهم و استصلاحاً لحال المسلمین و جمعاً لکلمتهم و لمّاً لشعثهم، و ما زالت سمة تعرف بها الإمامیة دون غیرها من الطوائف و الأُمم، و کلّ إنسان إذا أحسّ بالخطر على نفسه، أو ماله بسبب نشر معتقده، أو التظاهر به لا بدّ أن یکتم و یتّقی مواضع الخطر، و هذا أمر تقتضیه فطرة العقول- إلى آخر ما قال-. (1)
أسأل اللّه تعالى البصیرة فی الدین و توحید صفوف المسلمین فی سبیل الحق و الیقین
«قُلْ هذِهِ سَبِیلِی أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِیرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِی» (2)
و الحمد للّه رب العالمین.
1) مجلة المرشد: 3 / 252.
2) یوسف: 108.