إنّ للباقلانی تفسیراً لکسب الأشعری و هو یرجع إلى الوجه الأوّل حیث قال:
الدلیل قد قام على أنّ القدرة الحادثة لا تصلح للإیجاد، لکن لیست صفات الأفعال أو وجوهها و اعتباراتها تقتصر على جهة الحدوث فقط، بل هاهنا وجوه أخرى هی وراء الحدوث.
ثمّ ذکر عدّة من الجهات و الاعتبارات، کالصلاة و الصیام و القیام و القعود، و قال:
إنّ الإنسان یفرِّق فرقاً ضروریاً بین قولنا: «أوجد» و قولنا: «صلّى» و «صام» و «قعد» و «قام» و کما لا یجوز أن تضاف إلى الباری جهة ما یضاف إلى العبد، فکذلک لا یجوز أن تضاف إلى العبد جهة ما یضاف إلى الباری تعالى. (1)
ثمّ استنتج أنّ الجهات الّتی لا یصحّ إسنادها إلى اللّه تعالى فهی
متعلّقة للقدرة الحادثة و مکتسبة للإنسان، و هی الّتی تکون ملاک الثواب و العقاب.
یلاحظ علیه: أنّ هذه العناوین و الجهات لا تخلو من صورتین:
إمّا أن تکون من الأُمور العدمیة، فعندئذٍ لا یکون للکسب واقعیة خارجیة، بل یکون أمراً ذهنیاً اعتباریاً خارجاً عن إطار الفعل و التأثیر، فکیف تؤثّر القدرة الحادثة فیه، حتى یعدّ کسباً للعبد، و یکون ملاکاً للثواب و العقاب؟
و إمّا تکون من الأُمور الوجودیة، فعندئذٍ تکون مخلوقة للّه سبحانه حسب الأصل المسلَّم (خلق الأفعال) عندکم.
1) الملل و النحل: 1 / 97- 98.