جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

و منها أنّه یلزم أن لا یکون اللّه تعالى محسنا إلى العباد

زمان مطالعه: 2 دقیقه

قال المصنّف رفع اللّه درجته‏

و منها أنّه یلزم أن لا یکون اللّه تعالى محسنا إلى العباد، و لا منعما علیهم، و لا راحما، و لا کریما فی حقّ عباده، و لا جوادا، و کلّ هذا ینافی نصوص الکتاب العزیز، و المتواتر من الأخبار النّبویة، و إجماع الخلق کلّهم من المسلمین و غیرهم، فإنّهم لا خلاف بینهم فی وصف اللّه تعالى بهذه الصّفات على سبیل الحقیقة، لا على سبیل المجاز، و بیان لزوم ذلک أنّ الإحسان إنّما یصدق لو فعل المحسن نفعا لغرض الإحسان إلى المنتفع، فانّه لو فعله لا لذلک لم یکن محسنا، و لهذا لا یوصف مطعم الدّابّة لتسمن حتّى یذبحها بالإحسان فی حقّها و لا بالانعام علیها، و لا بالرّحمة، لأنّ التعطف و الشّفقة إنّما یثبت مع قصد الإحسان إلى الغیر لأجل نفعه، لا لغرض آخر یرجع إلیه، و إنما یکون کریما و جوادا لو نفع الغیر للإحسان و بقصده، و لو صدر منه النّفع لا لغرض لم یکن کریما و لا جوادا، تعالى اللّه عن ذلک علوّا کبیرا، فلینظر العاقل المنصف من نفسه، هل یجوز أن ینسب ربّه جلّ و عزّ إلى العبث فی أفعاله، و أنّه لیس بجواد و لا محسن و لا رحیم و لا کریم؟! نعوذ باللّه من مزالّ الأقدام و الانقیاد إلى مثل هذه الأوهام «انتهى».

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: جوابه منع الملازمة، لأنّ خلوّ الفعل من الغرض لا یستدعی کون‏

الفاعل غیر محسن و لا راحم و لا منعم، فأنّ معنى الغرض ما یکون باعثا للفاعل على الفعل، و یمکن صدور الإحسان و الرّحم و الإنعام من الفاعل من غیر باعث له، بل للافاضة الذاتیّة التی تلزم ذات الفاعل، نعم لو کان خالیا من المصلحة و الغایة، لکان ذلک الفعل عبثا، و قد بیّنا أنّ أفعاله تعالى مشتملة على الحکم و الغایات و المصالح، فلا تکون أفعاله عبثا، و أما قوله: إنّ التّعطف و الشفقة إنّما یثبت مع قصد الإحسان إلى الغیر لأجل نفعه فإن أراد بالقصد الغرض و العلّة الغائیة ممنوع و إن أراد الإختیار و إرادة إیصال الإحسان إلى المحسن إلیه بالتّعیین، فذلک فی حقّه تعالى ثابت، و هذا لا یتوقف على وجود الغرض و العلّة الغائیة «انتهى».

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

ما ذکره فی منع الملازمة منع لمقدّمة أثبتها المصنّف بقوله: فإنّه لو فعله لا کذلک لم یکن محسنا إلخ و قد أشرنا إلیه أیضا فی دفع ما سبق من جوابه الذی سمّاه تحقیقیا، و کذا الکلام فیما ذکره فی تردیده الآتی من المنع على أنّ ما سلّمه فی هذا التّردید من أن یراد من قصد الإحسان إلى الغیر لأجل نفعه إرادة إیصال الإحسان إلى المحسن إلیه، فهو عین القول بالغرض فی المعنى لأنّ إرادة إیصال الإحسان إلى المحسن إلیه یستلزم ما ذکرنا من ملاحظة فائدة ذلک الفعل و مدخلیّتها فیه، و هو معنى الغرض و العلّة الغائیة کما لا یخفى.