قد تبنَّت المعتزلة القول بخلق القرآن و انبروا یدافعون عنه بشتّى الوسائل، و لمّا کانت الخلافة العباسیة فی عصر المأمون و من بعده إلى زمن الواثق باللّه، تؤیّد حرکة الاعتزال و آراءها، استعان المعتزلة من هذا الغطاء،
و قاموا باختبار علماء الأمصار الإسلامیة فی هذه المسألة، و کانت نتیجة هذا الامتحان أن أجاب جمیع الفقهاء فی ذلک العصر بنظریة الخلق، و لم یمتنع الا نفر قلیل على رأسهم أحمد بن حنبل، و إلیک ما ذکره القاضی عبد الجبّار فی هذا المجال:
أمّا مذهبنا فی ذلک أنّ القرآن کلام اللّه تعالى و وحیه، و هو مخلوق محدث، أنزله اللّه على نبیّه لیکون علَماً و دالّاً على نبوّته، و جعله دلالة لنا على الأحکام لنرجع إلیه فی الحلال و الحرام، و استوجب منّا بذلک الحمد و الشکر و التحمید و التقدیس، و إذاً هو الّذی نسمعه الیوم و نتلوه و إن لم یکن (ما نقرؤه) محدثاً من جهة اللّه تعالى فهو مضاف إلیه على الحقیقة کما یضاف ما ننشده الیوم من قصیدة امرئ القیس إلیه على الحقیقة و إن لم یکن امرؤ القیس محدثاً لها الآن. (1)
و هذه النظریّة هی المقبول عند الشیعة الإمامیة. (2)
1) شرح الأصول الخمسة: 528.
2) المنقذ من التقلید: 1 / 215.