جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

موقف القرآن الکریم تجاه قانون العلیة (2)

زمان مطالعه: 2 دقیقه

إنّ الامعان فی الآیات الکریمة یدفع الإنسان إلى القول بأنّ الکتاب العزیز یعترف بأنّ النظام الإمکانی نظام الأسباب و المسبّبات، فإنّ المتأمّل فی الذکر الحکیم لا یشکّ فی أنّه کثیراً ما یسند آثاراً إلى الموضوعات الخارجیة و الأشیاء الواقعة فی دار المادة، کالسماء و کواکبها و نجومها، و الأرض و جبالها و بحارها و براریها و عناصرها و معادنها، و السحاب و الرعد و البرق و الصواعق و الماء و الأعشاب و الأشجار و الحیوان و الإنسان، إلى غیر ذلک من الموضوعات الواردة فی القرآن الکریم، فمن أنکر إسناد القرآن آثار تلک الأشیاء إلى أنفسها فإنّما أنکره بلسانه و قلبه مطمئن بخلافه، و إلیک ذکر نماذج من الآیات الواردة فی هذا المجال:

1. «وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَکُمْ». (1)

فقد صرّح فی هذه الآیة بتأثیر الماء فی تکوّن الثمرات و النباتات، فإنّ الباء فی قوله: «بِهِ» بمعنى السببیة، و نظیرها الآیة: 27 من سورة السجدة و الآیة: 4 من سورة الرعد، و غیرها من الآیات.

2. «اللَّهُ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ فَتُثِیرُ سَحاباً فَیَبْسُطُهُ فِی السَّماءِ کَیْفَ یَشاءُ». (2)

فقوله سبحانه: «فَتُثِیرُ سَحاباً» صریح فی أنّ الریاح تحرّک السحاب و تسوقها من جانب إلى جانب، فالریاح اسباب و علل تکوینیة لحرکة السحاب و بسطها فی السماء.

3. «وَ تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَیْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ کُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ» (3)

فالآیة تصرّح بتأثیر الماء فی اهتزاز الأرض و ربوتها، ثمّ تصرّح بإنبات الأرض من کلّ زوج بهیج.

4. «مَثَلُ الَّذِینَ یُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ کَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ» (4)

فالآیة تسند إنبات السنابل السبع إلى الحبَّة.

ثمّ إنّ هناک أفعالًا أسندها القرآن إلى الإنسان لا تقوم إلّا به، و لا یصحّ إسنادها إلى اللّه سبحانه بحدودها و بلا واسطة کأکله و شربه و مشیه و قعوده‏

و نکاحه و نموّه و فهمه و شعوره و سروره و صلاته و صیامه، فهذه أفعال قائمة بالإنسان مستندة إلیه، فهو الّذی یأکل و یشرب و ینمو و یفهم.

فالقرآن یعدّ الإنسان فاعلا لهذه الأفعال و علّة لها.

کما أنّ فی القرآن آیات مشتملة على الأوامر و النواهی الإلهیة، و تدلّ على مجازاته على تلک الأوامر و النواهی، فلو لم یکن للإنسان دور فی ذلک المجال و تأثیر فی الطاعة و العصیان فما هی الغایة من الأمر و النهی و ما معنى الجزاء و العقوبة؟


1) البقرة: 22.

2) الروم: 48.

3) الحج: 5.

4) البقرة: 261.