لا شکّ أنّ للحسن و القبح معنى واحداً، و إنّما الکلام فی ملاک کون الشیء حسناً أو قبیحاً، و هو یختلف بإختلاف الموارد، فقد ذکر للحَسَن و القبیح ملاکات و هی:
1. ملائمة الطبع و منافرته: فالمشهد الجمیل بما أنّه یلائم الطبع حسن، کما أنّ المشهد المخوف بما أنّه منافر للطبع قبیح، و مثله الطعام اللّذیذ و الصوت الناعم، فإنّهما حسنان، کما أنّ الدواء المرّ و نهیق الحمار قبیحان.
2. موافقة الغرض و المصلحة و مخالفتهما: و الغرض و المصلحة إمّا شخصیان و إمّا نوعیان، فقتل عدوّ الإنسان یعدّ حسناً عنده لأنّه موافق لغرضه، و لکنّه قبیح لأصدقاء المقتول و أهله، لمخالفته لأغراضهم و مصالحهم الشخصیة، هذا فی المجال الشخصی، و أمّا فی المجال النوعی، فإنّ العدل بما أنّه حافظ لنظام المجتمع و مصالح النوع فهو حسن و بما أنّ الظلم هادم للنظام و مخالف لمصلحة النوع فهو قبیح.
3. کون الشیء کمالًا للنفس أو نقصاناً لها: کالعلم و الجهل، فالأوّل زین لها و الثانی شین، و مثلهما الشجاعة و الجبن، و غیرهما من کمالات النفس و نقائصها.
4. ما یوجب مدح الفاعل و ذمّه عند العقل: و ذلک بملاحظة الفعل من حیث إنّه مناسب لکمال وجودی للموجود العاقل المختار أو نقصان له،
فیستقلّ العقل بحسنه و وجوب فعله، أو قبحه و وجوب ترکه و هذا کما إذا لاحظ العقل جزاء الإحسان بالإحسان، فیحکم بحسنه و جزاء الإحسان بالإساءة فیحکم بقبحه، فالعقل فی حکمه هذا لا یلاحظ سوى أنّ بعض الأفعال کمال للموجود الحیّ المختار و بعضها الآخر نقص له، فیحکم بحسن الأوّل و قبح الثانی.