جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

مؤهلات الإمام و صفاته‏ (2)

زمان مطالعه: 2 دقیقه

اختلفت کلمات أهل السنّة فی ما یشترط فی الإمام من الصفات، فمنهم‏ (1) من قال إنّها أربع، هی: العلم، و العدالة، و المعرفة بوجوه السّیاسة و حسن التدبیر، و أن یکون نسبه من قریش، و زاد بعضهم‏ (2) علیها سلامة الحواسّ و الأعضاء و الشجاعة، و بعض آخر (3) البلوغ و الرجولیة، قال الإیجی:

الجمهور على أنّ أهل الإمامة: مجتهد فی الأُصول و الفروع لیقوم بأُمور الدین، ذو رأی لیقوم بأمور الملک، شجاع لیقوى على الذبّ عن الحوزة، و قیل: لا یشترط هذه الصفات، لأنّها لا توجد، فیکون اشتراطها عبثاً أو تکلیفاً بما لا یطاق و مستلزماً للمفاسد الّتی یمکن دفعها بنصب فاقدها، نعم یجب أن یکون عدلًا لئلّا یجور، عاقلًا لیصلح للتصرّفات، بالغاً لقصور عقل‏

الصبی، ذکراً إذ النساء ناقصات عقل و دین، حُرّاً لئلّا یشغله خدمة السیّد و لئلّا یحتقر فیعصى. (4)

یلاحظ على هذه الشروط

أوّلًا: أنّ اختلافهم فی عددها ناش من افتقادهم لنصٍّ شرعی فی مجال الإمامة، و إنّما الموجود عندهم نصوص کلّیة لا تتکفّل بتعیین هذه الشروط، و المصدر لها عندهم هو الاستحسان و الاعتبارات العقلائیة فی ذلک، و هذا ممّا یقضى منه العجب، فکیف ترک النبیّ صلى الله علیه و آله بیان هذا الأمر المهمّ شرطاً و صفة، مع أنّه بیّن أبسط الأشیاء و أدناها من المکروهات و المستحبات؟!

و ثانیاً: أنّ اعتبار العدالة لا ینسجم مع ما ذهبوا إلیه من أنّ الإمام لا ینخلع بفسقه و ظلمه، قال الباقلانی:

لا ینخلع الإمام بفسقه و ظلمه بغصب الأموال و تضییع الحقوق و تعطیل الحدود، و لا یجب الخروج علیه، بل یجب وعظه و تخویفه و ترک طاعته فی شی‏ء ممّا یدعو إلیه من معاصى اللّه. (5)

و ثالثاً: أنّ التاریخ الإسلامی یشهد بأنّ الخلفاء بعد علی علیه السلام کانوا یفقدون أکثر هذه الصلاحیات و مع ذلک مارسوا الخلافة.

و أمّا الشیعة الإمامیة فبما أنّهم ینظرون إلى الإمامة بأنّها استمرار لوظائف الرسالة- کما تقدّم- یعتبرون فی الإمام توفّر صلاحیات عالیة لا ینالها الفرد إلّا إذا وقع تحت عنایة إلهیّة خاصّة، فهو یخلف النبیّ صلى الله علیه و آله فی العلم و العصمة و القیادة الحکمیة و غیر ذلک من الشئون، قال المحقّق البحرانی:

إنّا لمّا بیَّنّا أنّه یجب أن یکون الإمام معصوماً وجب أن یکون مستجمعاً لأصول الکمالات النفسانیة، و هی العلم و العفّة و الشجاعة و العدالة … و یجب أن یکون أفضل الأُمة فی کلّ ما یعدّ کمالًا نفسانیاً، لأنّه مقدَّم علیهم، و المقدَّم یجب أن یکون أفضل، لأنّ تقدیم الناقص على من هو أکمل منه قبیح عقلًا، و یجب أن یکون متبرئاً من جمیع العیوب المنفِّرة فی خلقته من الأمراض کالجذام و البرص و نحوهما، و فی نسبه و أصله کالزنا و الدناءة، لأنّ الطهارة من ذلک تجری مجرى الألطاف المقرِّبة للخلق إلى قبول قوله و تمکّنه، فیجب کونه کذلک. (6)


1) هو أبو منصور البغدادی (المتوفّى 429 ه) فی أُصول الدین: 277.

2) هو أبو الحسن البغدادی (المتوفّى 450 ه) فی الأحکام السلطانیة: 6.

3) هو ابن حزم الأندلسی (المتوفّى 456 ه) فی الفصل: 4 / 186.

4) شرح المواقف: 8 / 349- 350.

5) التمهید: 181. راجع فی ذلک أیضاً: شرح العقیدة الطحاویة: 379؛ و شرح العقائد النسفیة: 185.

6) قواعد المرام: 179- 180.