جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

لا یوجد الشی‏ء إلا بالوجوب السابق علیه‏ (2)

زمان مطالعه: < 1 دقیقه

قد ثبت فی الفلسفة الأُولى أنّ الموجود الممکن ما لم یجب وجوده من جانب علّته لم یتعیّن وجوده و لم یوجد، و ذلک: لأنّ الممکن فی ذاته لا یقتضی الوجود و لا العدم، فلا مناص لخروجه من ذلک إلى مستوى الوجود من عامل خارجی یقتضی وجوده، ثمّ ما یقتضی وجوده إمّا أن یقتضی وجوبه أیضاً أو لا؟ فعلى الأوّل وجب وجوده، و على الثانی، بما أنّ بقاءه على العدم لا یکون ممتنعاً بعدُ، فیسأل: لما ذا اتّصف بالوجود دون العدم؟ و هذا السؤال لا ینقطع إلّا بصیرورة وجود الممکن واجباً و بقائه على العدم محالًا، و هذا معنى قولهم: «إنّ الشی‏ء ما لم یجب لم یوجد».

هذا برهان القاعدة، و رتّب علیها القول بالجبر، لأنّ فعل العبد ممکن فلا یصدر منه إلّا بعد اتّصافه بالوجوب، و الوجوب ینافی الاختیار.

و الجواب عنه: أنّ القاعدة لا تعطی أزید من أنّ المعلول إنّما یتحقّق بالإیجاب المتقدّم على وجوده، و لکن هل الإیجاب المذکور جاء من‏

جانب الفاعل و العلّة أو من جانب غیره؟ فإن کان الفاعل مختاراً کان وجود الفعل و وجوبه المتقدّم علیه صادراً عنه بالاختیار، و إن کان الفاعل مضطرّاً کالفواعل الکونیة کانا صادرین عنه بالاضطرار.

و الحاصل: أنّ الوجوب المذکور فی القاعدة و إن کان وصفاً متقدّماً على الفعل، و لکنّه متأخّر عن الفاعل، فالمستفاد منه لیس إلّا کون الفعل موجباً (بالفتح) و أمّا الفاعل فهو قد یکون أیضاً کذلک و قد یکون موجِباً (بالکسر)، فإن أثبتنا کون الإنسان مختاراً فلا تنافیه القاعدة المذکورة قید شعرة.