قد یطلق الألم و اللّذة و یراد بهما الألم و اللّذة المزاجیان، و الاتصاف بهما یستلزم الجسمیّة و المادّة و هو تعالى منزّه عنهما کما تقدّم.
و قد یطلقان و یراد بهما العقلیان، أعنی إدراک القوّة العقلیة ما یلائمها أو ینافیها، و بما أنّه لا منافی فی عالم الوجود لذاته تعالى لأنّ الموجودات أفاعیله و مخلوقاته، و بین الفعل و فاعله کمال الملائمة الوجودیة، فلا یتصوّر ألمٌ عقلی له سبحانه.
و أمّا اللَّذة العقلیة فأثبتها للّه تعالى بعضهم قائلین بأنّ واجب الوجود فی غایة الجمال و الکمال و البهاء، فإذا عقل ذاته فقد عقل أتمّ الموجودات و أکملها، فیکون أعظم مدرِک لأجلّ مدرَک بأتم إدراک.
و لکن منع بعضهم عن توصیفه سبحانه باللَّذة العقلیة أیضاً لعدم الإذن الشرعی بذلک، و ممّن جوز الاتصاف باللّذة العقلیة من متکلّمی الإمامیّة، مؤلّف الیاقوت حیث قال:
المؤثّر مبتهج بالذات لأنّ علمه بکماله الأعظم یوجب له ذلک، فکیف لا و الواحد منّا یلتذُّ بکماله النقصانی (1)
و هو ظاهر کلام المحقق الطوسی فی تجرید الاعتقاد، حیث نفی الألم
مطلقاً و قیّد اللَّذة المنفیة بالمزاجیة (2)، و من المانعین له المحقّق البحرانی حیث قال:
اتّفق المسلمون على عدم إطلاق هذین اللفظین علیه تعالى … و أمّا الفلاسفة فإنّهم … لمّا فسروا اللَّذة بأنّها إدراک الملائم أطلقوا علیه لفظ اللَّذة و عنوا بها علمه بکمال ذاته، فلا نزاع معهم إذن فی المعنى، إذ لکلّ أحد أن یفسِّر لفظه بما شاء، لکنّا ننازع فی إطلاق هذا اللفظ علیه لعدم الإذن الشرعی. (3)
1) أنوار الملکوت: 102.
2) کشف المراد: المقصد 3، الفصل 2، المسألة 18.
3) قواعد المرام: القاعدة 4، الرکن 2، البحث 8.