فانّ العابث لیس إلّا الذی یفعل لا لغرض و حکمة
بل مجّانا، و اللّه تعالى یقول: وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبِینَ (1)، رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا (2)، و الفعل الذی لا غرض للفاعل فیه باطل و لعب تعالى اللّه عن ذلک علوّا کبیرا.
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول: قد سبق أنّ الأشاعرة ذهبوا إلى أنّ أفعال اللّه تعالى لیست معلّلة بالأغراض، و قالوا: لا یجوز تعلیل أفعاله تعالى بشیء من الأغراض و العلل الغائیّة، و وافقهم على ذلک جهابذة (3) الحکماء و طوائف الالهیّین، و ذهبت المعتزلة و من تابعهم من الإمامیّة إلى وجوب تعلیلها، و من دلائل الأشاعرة أنه لو کان فعله تعالى لغرض من تحصیل مصلحة أو دفع مفسدة لکان هو ناقصا لذاته مستکملا بتحصیل ذلک الغرض لأنه لا یصلح غرضا للفاعل إلّا ما هو أصلح له من عدمه، و ذلک لأنّ ما استوى وجوده و عدمه بالنّظر إلى الفاعل و کان وجوده مرجوحا بالقیاس إلیه لا یکون باعثا له على الفعل و سببا لإقدامه علیه بالضرورة، فکلّ ما کان غرضا وجب أن یکون باعثا له على الفعل و سببا لإقدامه علیه بالضرورة، فکلّ ما کان غرضا وجب أن یکون وجوده أصلح للفاعل و ألیق به من عدمه و هو معنى الکمال، فإذا یکون الفاعل مستکملا بوجوده ناقصا بدونه هذا هو الدّلیل، و ذکر هذا الرّجل أنّه یلزم من هذا المذهب محالات، منها أن یکون اللّه تعالى لاعبا عابثا، و الجواب التحققى أنّ العبث ما کان خالیا عن الفوائد و المنافع و أفعاله
تعالى محکمة متقنة مشتملة على حکم و مصالح لا تحصى راجعة إلى مخلوقاته تعالى، لکنّها لیست أسبابا باعثة على إقدامه و عللا مقتضیة لفاعلیّته فلا تکون أغراضا له و لا عللا غائیة لأفعاله حتّى یلزم استکماله بها، بل تکون غایات و منافع لأفعاله و آثارا مترتبة علیها فلا یلزم أن یکون شیء من أفعاله تعالى عبثا خالیا عن الفوائد، و ما ورد من الظواهر الدّالة (4) على تعلیل أفعاله تعالى، فهو محمول على الغایة و المنفعة دون الغرض و العلّة «انتهى».
أقول: [القاضى نور اللّه]
قد سبق أنّ ما نسبه إلى الحکماء الالهیّین افتراء علیهم، و إنّما نفوا عنه تعالى الغرض المستلزم للاستکمال أو لإظهار الکمال لا مطلقا، و قد أیّدنا ذلک هناک بکلام بعض المتألهین (5)، و نشدّ عضده (6) هاهنا بکلام بعض المحقّقین (7) حیث قال: قالت الفلاسفة: إنّ واجب الوجود تعالى و تقدّس جواد مطلق و هو المعطی لمن ینبغی لا لعوض (8) أى لا لطلب المجازاة و التّعویض فی مقابلة تلک الإفاضة،
بل و لا مع قصد ذلک، إذ من کان فاعلا لذلک لا یعدّ جوادا بل مصانعا و متاجرا (9) و مستفیدا، فلا یکون جوادا مطلقا، بل الجواد المطلق من تنزّه فیضه و عطاؤه عن قصد شیء من ذلک، و لهذا تنزّهت أفعاله عن الأغراض المستلزمة لشیء ممّا ذکرناه (10) حتّى قصد إفاضة الکمال لأجل الکمال أو لإظهار الکمال، فانه حینئذ لا یکون کاملا مطلقا و لا جوادا کذلک، و أما ما ذکره من دلیل الأشاعرة (11) فهو ممّا أخذه (12) بعض متأخّری الأشاعرة من ظاهر کلام الفلاسفة تقویة لمذهب
شیخه الأشعری مع تشنیعهم دائما على الامامیّة و المعتزلة بتوهّم موافقتهم إیّاهم فی بعض المطالب و الدّلائل و فیه نظر، إذ لا یلزم من قوله: لو کان فعله تعالى لغرض، أن یکون مستکملا بتحصیل ذلک الغرض. بل اللّازم کونه مکملا لوجود ذلک الفعل، لأنّ الاستکمال عبارة عن الحصول بالفعل لما له ذلک الحصول، و لا حصول هاهنا متجدّد إلّا لوجود ذلک الفعل لا للفاعل بل هو مستجمع لجمیع کمالاته من الأزل إلى الأبد و لأسباب الکمالات لغیره التی هی صفات و اعتبارات لذاته من جملتها التّکمیل و الإیجاد الحاصل له دائما من غیر تجدّد، بل المتجدّد له هو تعلّقه بأفراد المکلّفین، و أیضا إنّما یلزم الاستکمال أن لو کان الغرض عائدا إلیه تعالى و نحن لا نقول بذلک، بل الغرض إمّا عائد إلى مصلحة العبد أو إلى اقتضاء نظام الوجود بمعنى أن نظام الوجود لا یتمّ إلّا بذلک الغرض فیکون الغرض عائدا إلى النّظام لا إلیه، و على کلّ من الأمرین لا یلزم الاستکمال.
فان قیل: أولویّة عود الغرض إلى الغیر یفید استکماله بالغیر، و مساواته بالنسبة إلیه تعالى تنافی الغرضیّة، على أنّ تخلید الکفار فی النّار و إماتة الأنبیاء و إبقاء إبلیس أفعال لا مصلحة فیها أصلا، قلت: لا نسلّم أنّه لو استوى حصول الغرض و عدم حصوله بالنّسبة إلیه تعالى لم یصلح لأن یکون غرضا داعیا إلى فعله، و إنّما یلزم لو لم یکن الفعل أولى من التّرک بوجه من الوجوه، و هاهنا لیس کذلک فانّه بالنّسبة إلى العبد أولى، و لو سلّم فنقول: الغرض کالاحسان مثلا أولى و
أرجح من عدمه عنده تعالى بمعنى (یعنى خ ل): أنه عالم بارجحیّة الإنسان فی نفس الأمر، و لا یلزم من أولویة الإحسان بالمعنى المذکور عنده استکماله تعالى لأنّ الأنفع أرجح فی نفس الأمر، فلو لم یکن عالما بالأرجحیّة یلزم عدم علمه بکونه أنفع، فیلزم النّقص فیه و هو تعالى منزّه عن النّقص هذا، و النّفع فی التّخلید راجع إلى المؤمنین حیث یلتذّون بایمانهم عند علمهم بتخلید الکفّار فی النار کما یفهم من قوله تعالى: وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّکُمْ حَقًّا (13)، و فی إماتة الأنبیاء راجع إلیهم علیهم السّلام و هو خلاصهم من مکاره الدّنیا و فوزهم برغائب العقبى و اتصالهم بنور القدس (14) و فی إبقاء إبلیس راجع إلى المؤمنین حیث یحاربونه و یجاهدونه فیفوزون بسبب ذلک إلى الأجر و الثّواب، فظهر أن فعله تعالى لا بدّ أن یشتمل على غرض سواء کان راجعا إلى المفعول أو إلى غیره.
ثم أقول: یمکن أن یختار فی الجواب أنّ فعله تعالى لغرض عائد إلیه و منع لزوم نقصانه قبل حصول ذلک الغرض، لجواز أن یکون حصول ذلک الغرض فی هذا الزّمان کمالا، فلا یلزم أن یکون الواجب قبل حصوله ناقصا و لا أن یکون عریّا عن صفة کمال (15)، بل اللازم أن یکون عریّا عن شیء لم یکن کمالا إلى ذلک الزّمان، و أیضا لا نسلّم أن یکون الاحتیاج فی الفاعلیّة إلى الغیر مطلقا موجبا
للنّقصان، فانّه تعالى محتاج فی صفاته الفعلیّة إلى مخلوقاته (16)، و أیضا لا یجوز أن یکون الواجب تعالى علّة تامة لوجود الحادث و إلّا یلزم قدمه، فاحتاج إیجاده إلى حادث آخر، و هکذا، فیلزم أن یکون کلّ حادث مسبوقا بمواد غیر متناهیة، و الاحتیاج فی فاعلیّته إلیها غیر مستلزم للنّقصان، فکیف یکون الاحتیاج فیها إلى الغرض مستلزما له؟! و أیضا یحتاج الواجب فی إیجاد العرض إلى وجود المحل و فی إیجاد الکلّ إلى وجود الجزء، و الشیخ الأشعری و إن قال: بأنه لا علاقة بین الحوادث المتعاقبة إلّا بإجراء العادة بخلق بعضها عقیب بعض کالإحراق عقیب مماسة النّار و الرىّ بعد شرب الماء، و لیس للماسّة و الشّرب مدخل فی الإحراق و الرّىّ، لکن بدیهة العقل شاهدة بأنّ وجود المحل له مدخل فی وجود العرض و وجود الجزء فی وجود الکلّ. و أیضا تعلیل أفعاله تعالى راجع إلى الصّفات و الکمالات الفعلیّة (17) کخالقیّة العالم و رازقیّة العباد، و الخلوّ عنها لیس بنقص قطعا، و إنّما النّقص خلوّه عن الصّفات الحقیقیّة، و بهذا یندفع ما قیل:
إنّ الغرض علّة لعلّیّة العلّة الفاعلیّة، فلو کان لفعله تعالى غرض لاحتاج فی علّیته إلیه و المحتاج إلى الغیر مستکمل به بلا مریة «انتهى».
و وجه الدفع ظاهر ممّا ذکرناه، و یمکن أن یدفع بوجه آخر و هو:
أنّ غرض الفاعل یکون سببا للفاعل على الاقدام بفعله، بمعنى أنّ العلم بالغایة المترتّبة على المعلوم یکون سببا للفاعل على الإقدام بالفعل، الا ترى؟ أن الغرض
باعتبار الوجود الذهنی الغیر الأصیل یکون باعثا على الاقدام و هو بهذا الوجود کیفیة فیک و علم، فعلى هذا إنّما یلزم استکماله تعالى عن علمه فی مذهب الأشاعرة و هو عندهم جائز، بل یجوز عن سائر أوصافه الثّمانیة، و عندنا علمه لیس صفة موجودة حتّى یلزم الاستکمال من الغیر، بل لیس هاهنا إلا عالمیة محضة و ذات عالم یعبّر عنه فی الفارسیّة «بدانا» فلا یلزم علینا استکماله من الغیر و یلزم علیهم استکماله عن أمر آخر سوى ما جوّزوا استکماله عنه. لا یقال: إنّ الأشاعرة انّما قالوا بعدم الغرض فی أفعاله تعالى، لأنّ الغرض عند من قال به فاعل لفاعلیة الفاعل و هم لا یقولون بفاعل غیر (18) اللّه تعالى. لأنا نقول: لا قائل بأنّ الغرض فاعل لفاعلیّة الفاعل، بل المشهور أنّه علّة، و هو أعمّ من الفاعل، و لو سلّم فنقول:
إنهم لا یقولون بفاعل غیر اللّه تعالى یکون مؤثرا فی الوجود (19) و الفاعلیّة (20) أمر اعتباریّ (21)، و أیضا لو صحّ ذلک یلزم أن لا یقولوا بالغرض فی أفعالنا أیضا، و یمکن أن یجاب عن أصل الشّبهة أیضا بأنّ الغرض إذا کان عادیّا کما أنّ النّار سبب عادیّ للإحراق عند الأشاعرة لا یلزم منه الاستکمال، فانّ الذّات یمکن أن یفعل بلا سبب فلا یکون ناقصا. لا یقال: إنّ الأشاعرة إنما استدلوا على نفى تعلیل أفعال اللّه تعالى بالغرض حقیقة و لیس مقصودهم نفى السببیّة العادیّة.
لأنا نقول: لا فرق بین الباعث الحقیقیّ و العادیّ فی أنّه لا بدّ أن یکون وجوده أولى و أصلح بالنّسبة إلى الفاعل، و أیضا یتوجّه على أصل مدّعى الخصم ما مرّ: من أنهم یقولون بحجیّة القیاس و هی فرع أن تکون أفعاله تعالى معلّلة
بالأغراض، و نقل شارح الطوالع (22) عن أکثر الفقهاء: أنهم قالوا بتعلیلها، و قد اعترف بذلک شارح المقاصد (23)، حیث قال: ألحقّ أنّ تعلیل بعض الأفعال سیّما شرعیة الأحکام و المصالح ظاهر کإیجاب الحدود و الکفّارات و تحریم المسکرات و ما أشبه ذلک، و النّصوص (24) أیضا شاهدة بذلک کقوله تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ (25)، و من أجل ذلک کتبنا على بنى إسرائیل (26) الآیة، فلمّا قضى زید منها وطرا زوّجناکها لکیلا یکون على المؤمنین حرج (27) الآیة.
و لهذا یکون القیاس حجّة إلا عند شرذمة، و أمّا تعمیم ذلک فمحلّ بحث «انتهى کلامه»: و فیه أنّ النّصوص کما دلت على إثبات الغرض فی البعض دلت على الکلّ، لأنّ الحدیث القدسیّ: لولاک لما خلقت الأفلاک (28)، و یا إنسان
خلقت الأشیاء لأجلک و خلقتک لأجلی (29)، و کنت کنزا مخفیّا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لا عرف (30) و أمثالها (31) تدلّ على التعمیم، و أیضا العقل کاف فی
الحکم بأنّ المختار لا بدّ لفعله من غرض، و المانع کان النقص، فإذا ارتفع النّقص بالوجوه السّابقة بقی الحکم صحیحا مؤیّدا بالنقل، و الحقّ أنّ القول بتعلیل الأفعال هو الحق الذی لیس للشبهة إلى ساحته مجال، و الصّواب الذی لا ترتع حوله خطأ و اختلال، لکن الأشعریّ قد سبق على لسانه ذلک المحال لقلّة شعوره، و تورّطه (32) فی مخالفة أهل الاعتزال، و طمعه بذلک رفعة شأنه عند الجهال. ثمّ وسّع أصحابه دائرة المقال بضمّ أضعافه (33) من الأغالیط و التیتال (34) لیوقعوا فی الأوهام أنّ ما ذکره شیخهم کلام دقیق لا یفهم و لا یرام إلّا بعد طیّ مراتب النّقض و الإبرام، و الذی یشهد على ذلک ما ذکره السیّد معین الدّین الإیجی الشافعی (35) فی رسالة ألفها لتحقیق مسألة الکلام حیث ساق الکلام فیها من تشنیع شیخه الأشعریّ فی تلک المسألة على ما ذکرناه سابقا إلى تشنیعه فی هذه المسألة، فقال: اعلم أنّه رضی اللّه عنه قد یرعوی (36) الى عقیدة جدیدة بمجرّد اقتباس قیاس لا أساس له، مع أنّه مناف لصرائح القرآن و صحاح الأحادیث مثل أنّ أفعال اللّه تعالى غیر معلّلة بغرض، و دلیله (37) کما صرّح به فی کتبه أنّه یلزم تأثر الرّبّ عن شعوره
بخلقه، و أنت تعلم أنّه لا یشک ذو مرّة (38) أنّ علمه تعالى (39) بالممکنات و الغایات المترتّبة علیه صفة ذاتیّة و فعله موقوف على صفة ذاتیّة و کم من الصّفات الذّاتیة موقوفة على صفة مثلها و تَعالى (40) جَدُّ رَبِّنا عن أن یحصل له بواسطة شعوره بغایة الشّیء شوق و انفعال فی ذاته الأقدس کما فی الحیوانات «انتهى کلامه».
و لا یخفى أنّه کما یدلّ على أنّ کلام الأشعریّ فی هذه المسألة مبنیّ على قیاس لا أساس له یدلّ على أنّ ذلک القیاس قیاس الغائب على الشّاهد، مع أنّ أهل السّنة لا یجوّزون ذلک فتأمّل، فانّ الفکر فیه طویل، و اللّه الهادی للسبیل، و أما ما ذکره من الجواب الذی سمّاه تحقیقیا فبطلانه ظاهر، لأنّه مع منافاته لما ذکروه فی بحث الحسن و القبح من أنّه لیس فی الأفعال قبل ورود الأمر
و النّهى جهة محسّنة أو مقبّحة یصیر منشئا للأمر و النّهى مردود، بأنّ الفاعل إذا فعل فعلا من غیر ملاحظة فائدة و مدخلیّتها فیه یعدّ ذلک الفعل عبثا أو فی حکم العبث فی القبح، و إن اشتمل على فوائد و مصالح فی نفس الأمر، لأنّ مجرّد الاشتمال علیها لا یخرجه عن ذلک، ضرورة أنّ ما لا یکون ملحوظا للفاعل عند إیقاع الفعل و لا مؤثّرا فی إقدامه علیه فی حکم العدم کما لا یخفى على من اتّصف بالانصاف.
1) الأنبیاء. الآیة 16.
2) آل عمران. الآیة 191.
3) الجهابذة جمع الجهبذ: الناقد العارف بتمییز الجید من الردى.
4) کالایتین المتقدمتین.
5) هو مصنف مسالک الافهام «منه قده».
6) اقتباس من قوله تعالى فی سورة القصص. الآیة 35.
7) هو السید الفاضل الشاه طاهر الأنجدانی الإسماعیلی رحمه اللّه فی شرحه لباب الحادی عشر. «منه قده» أقول: هو اسماعیلى نسبا لا مذهبا کما افاده بعض الاجلة.
8) قال بعض العارفین: شعر:آفریدم تا ز من سودى کنندتا ز شهدم دست آلودى کنندمن نکردم خلق (أمر خ ل) تا سودى کنمبلکه تا بر بندگان جودى کنم.
9) من تاجر بمعنى اتجر.
10) هذا محل الاعتضاد حیث خص الأغراض التی تنزه سبحانه عنها بما ذکره هاهنا من قبل.
11) قال المصنف رفع اللّه درجته فی بحث القیاس من نهایة الوصول بعد ذکر الإیرادات على القول بنفی الغرض: و بالجملة قول الاشاعرة: الفاعل لغرض مستکمل به حکم أخذوه من الحکماء و هم لم ینکروا العلل الغائیة و لا شوق «سوق خ ل» الأشیاء الى کمالاتها و الا لبطل علم منافع الأعضاء و فوائد الغایات و علم الهیئة و أکثر الطبیعیات و غیرها، بل قالوا: إیجاد الموجودات عنه تعالى على أکمل ما یمکن، لا بأن یخلق الشیء ناقصا، ثم یکمله بقصد ثان، لأنه تعالى کامل لذاته، قادر على تکمیل کل ناقص بحسب استعداده، فیخلقه مشتاقا الى کماله من غیر استیناف تدبیر، و الغرض الذی نفوه استیناف ذلک التدبیر فی الإکمال بالقصد الثانی، و استقصاء الکلام فی هذا المقام ذکرناه فی نهایة المرام، لأنه الفن المتعلق به انتهى «منه قده».
12) قال فخر الدین الرازی فی المحصل: أن لیس للواجب تعالى غرض فی فعله، لان کل من کان کذلک کان مستکملا بفعل ذلک الشیء، و المستکمل بغیره ناقص لذاته. و قال المحقق الطوسی «قده» فی نقده: ان هذا حکم أخذه من الحکماء و استعمله فی غیر موضعه فإنهم لا ینفون شوق الأشیاء الى کمالاتها الذی هو الغرض من أفعاله و الا لبطل علم منافع الأعضاء و قواعد العلوم الحکمیة من الطبیعیات و الإلهیات و غیرهما و سقطت العلة الغائیة بأسرها عن الاعتبار، بل یقولون: ان افاضة الموجودات عن مبدئها یکون على أکمل ما یمکن، لا بأن یخلق ناقصا ثم یکمله بقصد ثان، بل بها یخلقه مشتاقا الى کماله لا باستیناف تدبیر و یعنون بالغرض المنفی عنه استیناف ذلک التدبیر لإکماله بالقصد الثانی انتهى. منه «ره».
13) سورة الأعراف. الآیة 44.
14) کلها مأخوذ من کلمات أهل البیت فی الأحادیث الشریفة.
15) فانا نعلم قطعا فی الشاهد أن الخلو عن بعض الصفات الکمالیة فی بعض الأوقات کمال دون بعض کالالتحاء بالنسبة الى ابن عشر سنین مثلا فلم لا یجوز أن یکون فی الغائب کذلک. منه «قده».
16) و الحاصل أن کل ما اتصف به تعالى من النسب المتجددة و نحوها کمال فعلى، فعلى تقدیر تجدد تلک النسب یلزم أن یکون تعالى خالیا عنها قبل تجددها فیکون ناقصا قبل تجددها. منه «قده».
17) و الحاصل أن الغرض کمال فعلى ککونه محمودا أو مشکورا مثلا. منه «قده».
18) أى الصفات السبعة أو الثمانیة.
19) لا فی کل شیء حتى الأمور الاعتباریة.
20) أى الفاعلیة التی قیل ان الغرض فاعل له. منه «قده».
21) فیجوز أن یکون العبد فاعلا له عندهم أیضا.
22) الطوالع: هو کتاب طوالع الأنوار فی الکلام للقاضی البیضاوی، و علیه شروح اشهرها شرح الشیخ شمس الدین محمود بن عبد الرحمن الاصفهانى المتوفى 749 و یلیه فی الاشتهار شرح المحقق الشریف الجرجانی المتوفى 816، و لعل المراد به هنا الاول کما هو المنصرف الیه عند الإطلاق.
23) المقاصد: للمحقق التفتازانی و أشهر شروحه شرح الشریف الجرجانی و لعله المراد هاهنا.
24) مراده من النصوص الأدلة الصریحة سواء کانت من الکتاب أو السنة.
25) سورة الذاریات. الآیة 56.
26) سورة المائدة. الآیة 32.
27) سورة الأحزاب. الآیة 37.
28) قال المحدث القاوقچى فی اللؤلؤ المرصوع (ص 66 ط مصر) حدیث (لولاک لما خلقت الأفلاک) لم یرد بهذا اللفظ، بل ورد (لولاک ما خلقت الجنة، و لولاک ما خلقت النار) و عند ابن عساکر (لولاک لما خلقت الدنیا) «انتهى».أقول: و قد ورد فی أخبارنا المرویة ما یدل على هذا المعنى بتعابیر مختلفة، فلیراجع الى ما ألف فی سیرته صلى اللّه علیه و اله سیما أحادیث خلقته «ص». و فی ذلک غنى و کفایة لمن تبصر.
29) رواه فی الجواهر السنیة (ص 292 ط بمبئى).
30) قال العجلونى فی کتابه مزیل الخفاء (ج 2 ص 132 ط مصر): کنت کنزا لا اعرف فأحببت ان اعرف فخلقت خلقا فعرفتهم بى فعرفونی، و فی لفظ فتعرفت إلیهم فبی عرفونی قال ابن تیمیة: لیس من کلام النبی «ص» و لا یعرف له سند صحیح و لا ضعیف، و تبعه الزرکشی و الحافظ ابن حجر فی اللآلی و السیوطی و غیرهم، و قال القاری: لکن معناه صحیح مستفاد من قوله تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ اى لیعرفونى کما فسره ابن عباس رضى اللّه، و المشهور على الالسنة کنت کنزا مخفیا فأحببت ان اعرف فخلقت خلقا، فبی عرفونی، و هو واقع کثیرا فی کلام الصوفیة و اعتمدوه و بنوا علیه اصولا لهم «انتهى».و قال ابن الدیبع الشیبانی فی کتاب تمییز الطیب (ص 153 ط مصر) ما لفظه: کنت کنزا لا اعرف فأحببت ان اعرف فخلقت خلقا فعرفتهم فعرفونی، قال ابن تیمیة: انه لیس من کلام النبی «ص» و لا یعرف له سند صحیح و لا ضعیف و تبعه الزرکشی و ابن حجر «انتهى».أقول: و کذا یظهر من بعض الاصحاب، و بعد ذلک فمن العجب! انه شرح هذه الجملة بعض العلماء زعما منه، أنه خبر مروى و حدیث مأثور عنه «ص» و علیک بالتثبت و التحری.
31) فی دلالة الحدیث الاول على ثبوت الغرض فی جمیع أفعاله تعالى نظر، اللهم الا أن یقال: إذا ثبت أن الأفلاک و هی الأشرف خلقت لغرض وجود النبی «ص» ثبت کون الأرض و ما فیها بطفیل وجوده بطریق أولى. أو یقال: ان المراد السماوات مع ما فیها، أو یقال: لا قائل بالفصل. منه «قده».
32) تورط الرجل: وقع فی الورطة أو فی أمر مشکل و هلک.
33) جمع الضعف بکسر الضاد المعجمة لا الضعف بالفتح و الضعف بالضم، و الکلمة من المثلثات.
34) التیتال لفظ فارسی مولد یطلق على الکلام المشتمل على الخبط و الفساد الکثیر الذی لا یأتى به الا الأحمق الذی لا شعور له کالاشعرى و من تبعه من معاشر الاشاعرة.منه «قده».
35) قد مرت ترجمته سابقا فلیراجع.
36) اى رجع. و الارعواء مطلق الرجوع، و الکف عن الجهل.
37) أقول: یمکن ان یجاب عن دلیله هذا بمثل ما أجیب به عن الاستدلال على المقدمة القائلة ببطلان قیام الحادثات بذاته تعالى: بأنه یلزم تأثره تعالى من غیره حیث أجیب عنه فی بعض حواشی التلویح فی بحث المقدمات الأربع: بأنه ان أراد أنه تعالى لا یتأثر عن غیره أصلا فممنوع، و ان أراد أنه لا یتأثر عن غیره فی الوجود فمسلم، لکن لا نسلم (لا یخفى خ ل) انه یلزم هذا التأثر على تقدیر قیام الحادث بذاته تعالى، و أیضا لو صح هذا الدلیل لزم أن لا یتصف الواجب بالنسب المتجددة لأنها أیضا توجب التأثر و التغیر فی الذات (انتهى) فتأمل فیه. منه «قده».
38) المرة بالکسر: أصالة العقل. و بالضم الخلط الصفراوی و ضد الحلاوة.
39) حاصله: أن علمه تعالى بالممکنات و الغایات المترتبة علیها صفة له تعالى فلو توقف فعله تعالى علیها لا یلزم استکماله عن الغیر، بل اللازم توقف فاعلیته على بعض الصفات و لا محذور فیه، لان صفات الذات بعضها متوقفة على بعض کالقدرة على العلم و الحیاة، فلا یلزم من توقف فاعلیته التی هی صفة اضافیة على العلم محذور. منه «قده».
40) اقتباس من قوله تعالى، فی سورة «الجن» الآیة 3: وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً.