جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

فی أن الله تعالى باق لذاته‏

زمان مطالعه: 4 دقیقه

قال المصنّف رفع اللّه درجته‏

المطلب الثانی فی أنّ اللّه تعالى باق لذاته؛ الحقّ ذلک لأنّه لو احتاج فی بقائه إلى غیره کان ممکنا، فلا یکون واجبا للتّنافی الضّروری بین الواجب و الممکن. و خالفت الأشاعرة فی ذلک و ذهبوا إلى أنّه تعالى باق بالبقاء و هو خطأ لما تقدّم، و لأنّ البقاء إن قام بذاته تعالى لزم تکثره و احتاج البقاء إلى ذاته تعالى، مع أنّ ذاته محتاجه إلى البقاء فیدور، و إن قام بغیره کان وصف الشّی‏ء حالا فی غیره و لأنّ غیره محدث، فإن قام البقاء بذاته کان مجردا. و أیضا بقاؤه تعالى‏

باق لامتناع تطرق العدم إلى صفاته تعالى، و لأنّه یلزم أن یکون محلا للحوادث فیکون له بقاء آخر و یتسلسل. و أیضا صفاته تعالى باقیة فلو بقیت بالبقاء لزم قیام المعنى بالمعنى «انتهى».

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: قد عرفت فیما سبق أکثر أجوبة ما ذکره فی هذا الفصل، قوله: لو احتاج فی بقائه إلى غیره کان ممکنا، قلنا: الاحتیاج إلى الغیر الذی لم یکن من ذاته یوجب الإمکان، و من کان صفاته من ذاته لم یکن ممکنا. قوله و لأنّ البقاء إن قام بذاته لزم تکثّره، قلنا: لا یلزم التّکثّر، لأن الصّفات الزّائدة لیست غیره مغایرة کلّیّة کما سبق، قوله: احتاج البقاء إلى ذاته و ذاته محتاجة إلى البقاء فیلزم الدّور، قلنا: مندفع بعدم احتیاج الذّات إلى البقاء بل هما متحقّقان معا کما سبق، فهو قائم بذاته من غیر احتیاج الذّات إلیه بل هما متحققان (تحققا خ ل) معا. قوله: بقاؤه باق، قلنا: مسلّم، فالبقاء موصوف ببقاء هو عین ذلک البقاء کاتّصاف الوجود بالوجود، قوله: و لأنّه یلزم أن یکون محلا للحوادث قلنا: ممنوع، لأنا قائلون بقدمه. قوله: یکون له بقاء آخر و یتسلسل، قلنا: مندفع بما سبق من أنّ بقاء البقاء نفس البقاء. قوله: صفاته تعالى باقیة فلو بقیت بالبقاء لزم قیام المعنى بالمعنى، قلنا: قد سبق أنّ الصّفات لیست مغایرة للّذات بالکلّیة فیمکن أن یکون البقاء صفة للذّات، و تبقى الصّفات ببقاء الذّات فلا یلزم قیام المعنى بالمعنى.

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

قد أوضحنا لک و هن تلک الأجوبة و ما فیها من الاشتباه و الخلط (1) و الخبط، و أما ما أجاب به هاهنا أوّلا من أنّ الاحتیاج إلى الغیر الذی لم یکن من ذاته یوجب الإمکان و من کان صفاته من ذاته لم یکن ممکنا ففیه أنّه‏

مکابرة على المقدّمة الکلّیة العقلیّة الضّروریّة، فلا یستحقّ إلا الإعراض، على أنّ ظاهر ما ذکره من أنّ الاحتیاج إلى الغیر الذی لم یکن من ذاته یوجب الإمکان یقتضی أنّ الواجب لو احتاج إلى شی‏ء من السّماویات و الأرضیات أیضا لا یکون ذلک موجبا لإمکانه، لأن الکلّ ناش من ذاته (و فساده أظهر من أن یخفى). و اما ما أجاب به هاهنا ثانیا بقوله: قلنا لا یلزم التکثّر، لأنّ الصّفات الزّائدة لیست غیره مغایرة کلّیة کما سبق فمردود، بما سبق من کونه فی السخافة، نظیر قول من ضل منه الحمار، و أمّا النّاصب المهذار (2) فمثله کمثل الحمار الذی یحمل الأسفار (3) و اما ما أجاب به ثالثا من جواز کون البقاء قائما بذاته تعالى من غیر احتیاج الذّات إلیه فهو کلام فاسد، کإثبات وجودات متعدّدة و تشخّصات متعدّدة، و علوم متعدّدة من غیر حاجة له إلیها، و بالجملة لیس فی ذلک سوى إثبات فضل نزه العقلا من الحکماء الأجرام الفلکیة عنها لشرفها، فکیف لا ینزّه اللّه سبحانه عنه،؟ و اما ما أجاب به رابعا من أنّ البقاء موصوف ببقاء هو عین ذلک البقاء «إلخ» ففیه أنّ المتنازع فیه بیننا و بینکم هو أنّه هل یجوز أن یکون تعالى باقیا بالبقاء الذی هو عین ذاته أم لا؟

فإذا جاز أن یکون البقاء باقیا بالبقاء الذی هو عین ذاته جاز أن یکون بقاؤه تعالى أیضا کذلک، فانهدم بنیان ما استدلّ به شیخکم الأشعری (4): من أنّ الواجب باق، فلا بدّ أن یقوم به معنى هو البقاء کما ذکر فی المواقف و شرح التجرید، و أیضا الأشاعرة إنّما ذهبوا إلى زیادة الصّفات و أنکروا عینیّتها، لزعمهم (5) أنّ القول:

بالعینیّة راجع إلى النّفی المحض، و أن یکون مؤدّى ذلک أنّه تعالى عالم لا علم له، و قادر لا قدرة له، إلى غیر ذلک کما صرّح به شارح العقائد، و هذا المحذور الذی حملهم إلى القول بزیادة الصّفات آت فی البقاء، و بقائه أیضا، فکیف نسوا إنکارهم للعینیّة و اعترفوا به هاهنا؟ قائلین: بأنّ البقاء موصوف ببقاء هو عین ذلک البقاء، و بالجملة کلام المصنّف هاهنا إلزامی لهم، فان رجعوا عن ذلک و وافقوا، فنعم الوفاق و الحمد للّه رب العالمین. و اما ما أجاب به خامسا عمّا نقله من قول المصنّف: و لأنّه یلزم أن یکون محلا للحوادث فیکون له بقاء آخر فیتسلسل، ففیه أنّ المنقول کلام یلوح علیه آثار السّقم، لأن تفریع لزوم التّسلسل على کونه محلا للحوادث ممّا لا وجه له، و یعضده أیضا کلام المصنّف فی کتاب نهج المسترشدین حیث قال:

و لأنّ البقاء لو کان زائدا على الذّات لزم التّسلسل «انتهى» فالظاهر أنّ النّاصب زاد فی کلام المصنّف أو نقص کما وقع منه مثل هذا غیر مرة، فوجب الرّجوع إلى أصل مصحح من نسخة المصنّف هاهنا لتتّضح حقیقة الحال. و اما ما أجاب به سادسا عن لزوم التّسلسل بما أسبقه فمدفوع: بما أسبقناه من لزوم انهدام دلیلهم.

و اما ما أجاب به سابعا من أنّ الصّفات لیست مغایرة للذّات بالکلّیة، فیمکن أن یکون البقاء صفة للذّات و یبقى ببقاء الذّات «إلخ» ففیه أنّ من جملة الصّفات الباقیة للّه تعالى البقاء، فان أرید ببقاء البقاء بقاء الذّات عینه الذی بقی به الذّات یلزم ما ذکرنا سابقا من انهدام دلیلهم على زیادة البقاء على الذّات، و إن أراد به غیر ذلک البقاء یلزم بقاء الذّات ببقائین و هو ممّا لم یقل به أحد، فتعیّن أن یکون بقاء البقاء ببقاء قائم بذاته فیلزم ما ذکره المصنّف من قیام المعنى بالمعنى، و أیضا هذا البحث إلزامی (6)

على الأشاعرة حیث استدلوا على عدم بقاء الأعراض بوجوه ثلاثة مذکورة فی المواقف، منها أنّها لو بقیت لکانت متّصفة ببقاء قائم بها و البقاء عرض فیلزم قیام العرض بالعرض و إلا فالبقاء عند المصنّف و سائر المحقّقین لیس بعرض بل هو أمر اعتباری یجوز أن یتّصف به العرض کالجوهر، و أیضا لیس قیام العرض بالعرض بمستحیل عنده کما صرّح به فی نهج المسترشدین حیث قال: و لا یستحیل قیام عرض بعرض کالسّرعة القائمة بالحرکة، و لا بدّ من الانتهاء إلى محلّ جوهری و هذا صریح فیما ذکرنا من إرادة الإلزام و اللّه تعالى أعلم بحقائق المرام.


1) قد مر الفرق بین الخلط و الخبط فلیراجع.

2) المهذار: الرجل المبالغ فی الهذر و اللغو.

3) مقتبس من قوله تعالى فی سورة الجمعة. الآیة 5.

4) و القول بان البقاء لا یحتاج فی البقاء الى بقاء زائد دون ذاته تعالى تحکم، و دون إثباته خرط القتاد «منه قده».

5) و انما نسب هذا الى الزعم لان مرادهم من قولهم انه عالم لا علم له، انه عالم لا علم له صفة موجودة فیکون بمنزلة قولنا أعمى لا عمى له صفة موجودة فی الخارج و لیس بمحال «منه قده»‏.

6) قد مر المراد من الدلیل الالزامى فراجع.