جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

فی أنّ کلامه تعالى متعدّد

زمان مطالعه: 4 دقیقه

قال المصنّف رفع اللّه درجته‏

المطلب الثانی فی أنّ کلامه تعالى متعدّد، المعقول من الکلام على ما تقدّم أنّه الحروف و الأصوات المسموعة، و هذه الحروف المسموعة إنّما تلتئم کلاما مفهوما إذا کان الانتظام على أحد الوجوه التی یحصل بها الإفهام، و ذلک بأن یکون خبرا أو أمرا أو نهیا أو استفهاما أو تنبیها، و هو الشّامل للتّمنّی و التّرجی و التّعجب و القسم و النّداء، و لا وجود له إلا فی هذه الجزئیات، و الذین أثبتوا قدم الکلام اختلفوا: فذهب بعضهم إلى أنّ کلامه تعالى واحد مغایر لهذه المعانی، و ذهب آخرون إلى تعدّده، و الذین أثبتوا وحدته خالفوا جمیع العقلاء فی إثبات شی‏ء لا

یتصوّرونه هم و لا خصومهم، و من أثبت للّه تعالى وصفا لا یعقله و لا یتصوّره هو و لا غیره فکیف یجوز أن یجعل إماما یقتدى به و یناط بکلامه الأحکام؟ «انتهى»

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: الأشاعرة لمّا أثبتوا الکلام النّفسانی جعلوه کسائر الصّفات مثل العلم و القدرة، فکما أنّ القدرة صفة واحدة تتعلّق بمقدورات متعدّدة، کذلک الکلام صفة واحدة تنقسم إلى الأمر و النّهى و الخبر و الاستفهام و النّداء، و هذا بحسب التّعلق، فذلک الکلام الواحد باعتبار تعلّقه بشی‏ء على وجه مخصوص یکون خبرا، و باعتبار تعلّقه بشی‏ء آخر أو على وجه آخر یکون أمرا، و کذا الحال فی البواقی و أمّا من جعل الکلام عبارة عن الحروف و الأصوات فلا شکّ أنّه یکون متعدّدا عنده، فالنّزاع بیننا و بین المعتزلة و الإمامیّة فی إثبات الکلام النّفسانی، فان ثبت فهو قدیم واحد کسائر الصّفات، و إن انحصر الکلام فی اللّفظی فهو حادث متعدّد، و قد أثبتنا الکلام النّفسی فیما سبق، فطامات الرّجل لیس إلا التّرهات «انتهى.»

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

إن أراد بقوله: الکلام صفة واحدة تنقسم إلى الأمر و النّهى «إلخ» أنّ کلامه تعالى جنس لهذه الأمور، و هذه الأمور أنواع له، فیلزم من قدمه و حدوثها وجود الجنس بدون أحد الأنواع، و بطلانه ظاهر، و إن أراد أنّه أمر معیّن یعرضه هذه الأمور کما یشعر به کلام الشّارح الجدید للتّجرید فی تتمیم جواب عبد اللّه بن سعید (1) حتّى لا یلزم کون تلک الأنواع أنواعا حقیقیّة، بل تکون‏

أنواعا بحسب العارض و الاعتبار و الأمور الخارجة، فمسلّم أنّ هذا لا یستلزم محالا لأنّ غایة ما یلزم من ذلک وجود المعروض بدون العارض و هو لیس بمستحیل، لکنّه خلاف ما هو المقرّر عندهم، من أنّ هذه الأمور أنواع الکلام. و أیضا هذا غیر معقول إذ لا یعقل کلام إلا على أحد الأسالیب المعروفة عند العقلاء، و بالجملة نحن لا نعقل من کلامه تعالى سوى الأمر و النّهى و الخبر، فإذا اعترفتم بحدوثها ثبت حدوث الکلام فان ادّعیتم قدم شی‏ء آخر فبیّنوه لیتصوّر، ثمّ أقیموا الدّلالة علیه و على اتصافه تعالى به و على قدمه، و أیضا لو جوّز کون الکلام الواحد متکثّرا و أنواعه مختلفة باعتبار التّعلّقات لزم جواز أن یکون جمیع الصّفات راجعة إلى صفة واحدة بل إلى الذّات بأن یکون باعتبار تعلّقه بالتّخصیص إرادة، و باعتبار تعلّقه بالإیجاد قدرة إلى غیر ذلک من الاعتبارات، و قال السیّد معین الدین الصّفوی الإیجی الشافعی فی رسالته فی الکلام: إن العرف العامّ و الخاصّ من الشّرع و اللّغة لا یفهم من الکلام إلا المرکب من الحروف لا مجرّد مفهوم اللّفظ الذی هو فی الحقیقة (خ ل فی التحقیق) نوع من العلم، و لیس من شأن النّبوّة دعوة الامّة إلى شی‏ء غیر معلوم ظاهره کذب و إلحاد من غیر إشارة فی موضع و موقع على المراد من إطلاقه، مع أنّ العرف مطلقا یعرف تناقض الأخرس مع المتکلّم، و على ما عرّفه الأشعری یجتمع الخرس و هذا المتکلّم (2)، و التکلّم و السّکوت، و أما ما فی متن العقائد للنّسفی (3) انّ‏

الکلام صفة متنافیة للسّکوت و الآفة، و قال شارحه (4) العلامة: هذا إنّما یصدق على الکلام اللّفظی دون النّفسی، إذ السّکوت و الخرس إنّما ینافی التلفّظ، و أجاب بأنّ مراده السّکوت و الآفة الباطنیّتان بأن لا یدبّر فی نفسه التّکلم و لا یقدر على ذلک، فکما أنّ الکلام لفظی و نفسی، فکذا ضدّه اعنی السّکوت و الخرس، فأنت على یقین أنّ هذا التّوجیه تمحّل (5) لا یغنی عن الحق شیئا (6)، فأعرضنا عن التّعرّض بتفصیل الجواب.


1) هو عبد اللّه بن سعید بن الحصین الکوفی، أبو سعید الاشجّ الحافظ المتوفى سنة 257 و کان من کبار القوم فقها، و حدیثا و کلاما، روى عن عبد السلام بن حرب و أبى خالد الأحمر و المحاربی و ابن إدریس و هشیم و من فی طبقتهم فراجع الکتاب الخلاصة للخزرجى ص 169‏.

2) الظاهر أن العبارة کذا: یجتمع الخرس و التکلم فی هذا المتکلم.

3) هو نجم الدین أبو حفص عمر بن محمد السمرقندی الحنفی الأصولی المتکلم الشهیر المتوفى ببغداد سنة 537 له تآلیف کثیرة منها کتاب العقائد المعروف بالعقائد النسفیة و قد شرحه جمع کثیر من علماء القوم و منها کتاب طلبة الطلبة فی المصطلحات الحنفیة فی الفقه، و منها تاریخ سمرقند، و النسفی نسبة الى نسف کجبل بلد بما وراء النهر.

4) المراد به قطب الدین محمود بن مسعود الشیرازی الکازرونی الشافعی المشتهر بالعلامة المتوفى سنة 710 ببلدة تبریز و دفن بجنب قبر القاضی البیضاوی أو العلامة المحقق التفتازانی المولى مسعود بن عمر المتوفى سنة 791 صاحب کتاب المطول و الظاهر الثانی.

5) قال بعض الفضلاء فی بحث المغالطة من کتاب المسمى بمسالک الافهام فی علم الکلام ان من أسباب الغلط أخذ ضد الشی‏ء ضدا للازمه و هو باطل، لان الحرارة یضاد البرودة و لا یضاد العرضیة و اللونیة، و أبو الحسن الأشعری ارتکب هذا فی اثبات کلام الحق فقال: وجدنا کل من لیس بمتکلم اخرس فحکم بان الکلام و الخرس متضاد ان، فحکم بانه تعالى لو لم یکن متکلما لکان اخرس، لأنه فی الشاهد کذلک، ثم أثبت للباری شیئا سماه کلام النفسی و لم یثبت له الکلام الذی اخذه ضدا للخرس (فانه یثبت للخرس) لعدم اشتراطه بالحرف و الصوت، فیجتمع مع الخرس، فلا یکون ضده فبطل قوله ان الکلام و الخرس ضد ان لان الخرس لا یزول بکلام النفس. منه «قده».

6) اقتباس من قوله تعالى فی سورة یونس. الآیة: 36.