قال المصنّف رفع اللّه درجته المطلب الرابع فی أنّ اللّه تعالى یفعل لغرض و حکمة، قالت الامامیّة:
إنّ اللّه تعالى إنّما یفعل لغرض (1) و حکمة و فائدة و مصلحة ترجع إلى المکلّفین و نفع یصل إلیهم. و قالت الأشاعرة: إنّه لا یجوز أن یفعل شیئا لغرض و لا لمصلحة ترجع إلى العباد و لا لغایة من الغایات، و لزمهم من ذلک محالات، على مقالة الاشاعرة تستلزم محالات
منها أن یکون اللّه تعالى لاعبا عابثا (2) فی فعله
1) مسألة کون أفعاله تعالى معللة بالأغراض و الغایات مما وقع التشاجر فیه بین المسلمین فاصحابنا و المعتزلة و ابن هیثم من قدماء الاشاعرة و ضیاء الدین البلخی من متأخریهم ذهبوا الى کونها معللة بحکم و مصالح و غایات عائدة الى الخلق لا الیه تعالى لغنائه و استغنائه عما سواه.و ذهب جل الاشاعرة الى عدم کونها معللة و تمسکوا بوجوه ضعیفة سیشیر إلیها المصنف و القاضی الشهید «قدهما» و یرد ان تلک الوجوه بما لا مزید علیه.و من الاشاعرة من فصل کابن هیثم و قال: انها لیست بمعللة عقلا، و لکن حیث دلت النصوص و الظواهر الکتابیة على کونها معللة کقوله تعالى: ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ فلا بد من الأخذ بتلک الظواهر من دون تأویل للتعبد المحض.و أنت خبیر بان العقل السلیم الفطری مساعد لها فلا وجه لاحتمال صرفها عن ظواهرها.و اعلم أن الذی دعى المفصل الى التفصیل کونه من الظاهریة أتباع داود بن على الاصفهانى.ثم اعلم أن الاخبار المأثورة عن أهل البیت المستفاد علمهم من علم النبی صلى اللّه علیه و اله ناصة على کونها معللة، و تنادى بحیث لا یبقى ریب لمریب على بطلان عدم کونها معللة، فراجع کتب أصحابنا و الجوامع الحدیثیة حتى ترى ذلک بعین العیان بحیث تستغنى عن البیان و اللّه العاصم.
2) النسبة بین العبث و اللعب العموم من وجه لصدق الاول على فعل لغوى لا یعد فی العرف لعبا و صدق الثانی على الالعاب الدائرة کالشطرنج و الآس و النرد و نحوها مع تعلق غرض عقلائى به و صدقهما على الالعاب التی لم یتعلق بها غرض کذلک.