جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

فی أنه تعالى لیس بجسم‏

زمان مطالعه: 5 دقیقه

قال المصنّف رفع اللّه درجته‏

المبحث الثالث فی أنّه تعالى لیس بجسم، أطبق العقلاء على ذلک إلا أهل‏

الظاهر کداود (1) و الحنابلة کلّهم فإنّهم قالوا إنّ اللّه تعالى جسم یجلس على العرش و یفضل عنه من کلّ جانب ستّة أشبار بشبره، و أنّه ینزل فی کلّ لیلة جمعة على حمار و ینادى إلى الصّباح هل من تائب هل من مستغفر (2)؟ و حملوا آیات التّشبیه على ظواهرها، و السّبب فی ذلک قلّة تمیّزهم و عدم تفطنهم بالمناقضات التی تلزمهم و إنکار الضّروریات التی تبطل مقالتهم، فانّ الضرورة قاضیة بأنّ کلّ جسم لا ینفکّ عن الحرکة و السّکون، و قد ثبت فی علم الکلام إنّهما حادثان، و الضّرورة قاضیة بأنّ من لا ینفکّ عن المحدث فإنّه یکون محدثا فیلزم حدوث اللّه تعالى، و الضّرورة قاضیة بأنّ کل محدث مفتقر إلى محدث، فیکون واجب الوجود مفتقرا إلى مؤثّر، و یکون ممکنا فلا یکون واجبا و قد فرض واجبا (هذا خلف) و قد تمادى [خ ل تمارى‏] أکثرهم فقال: إنّه تعالى یجوز علیه المصافحة، و أنّ المخلصین فی الدّنیا یعانقونه (3) فی الدّنیا، و قال داود: اعفونی عن الفرج و اللّحیة و اسألونی عمّا وراء ذلک، و قال: إنّ معبوده جسم ذو لحم و دم و جوارح و أعضاء (4) و إنّه بکى على طوفان نوح حتّى رمدت عیناه و عادته‏

الملائکة لمّا اشتکت عیناه، فلینصف العاقل المقلّد من نفسه هل یجوز له تقلید مثل هؤلاء؟ و هل للعقل مجال فی تصدیقهم فی هذه المقالات الرّدیّة و الإعتقادات الفاسدة؟

و هل تثق النّفس باصابة هؤلاء فی شی‏ء البتّة؟! «انتهى»

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: ما ذکره من مذهب المشبّهة و المجسّمة و هم على الباطل، و لیسوا من الأشاعرة و أهل السّنّة و الجماعة، و أما ما نسبه إلى الحنابلة فهو افتراء علیهم، (5) فإنّ مذهب الإمام أحمد بن حنبل فی المتشابهات ترک التأویل، و توکیل العلم إلى اللّه تعالى، و لأهل السّنة و الجماعة هاهنا طریقان: أحدهما ترک التّأویل و هو ما اختاره أحمد بن حنبل، و توکیل العلم إلى اللّه تعالى کما قال اللّه تعالى:

وَ الرَّاسِخُونَ فِی الْعِلْمِ یَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ کُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا (6)، فهؤلاء یترکون آیات التّشبیه على ظواهرها مع نفى الکیفیّة و النّقص عن ذاته و صفاته تعالى، لا أنّهم یقولون بالجسمیّة المشارکة للأجسام کما ذهب إلیه المشبّهة، فلم لا یجوز تقلید هؤلاء و أىّ فساد یلزم من هذا الطریق؟ مع أنّ نصّ القرآن یوافقهم فی توکیل العلم إلى اللّه تعالى، و ما ذکره من الطامّات و التّرهات فلیس من مذهب أهل الحقّ، و الرّجل معتاد بالطامّات «انتهى.»

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

قد نسب فی المواقف القول بالجسمیّة إلى مقاتل (7) بن سلیمان و الکرامیّة و غیرهم، و سیعترف النّاصب بهذا فیما سیجی‏ء من مسألة عدم کونه تعالى فی جهة، و لا ریب فی أنّ الکرامیّة و مقاتل من أهل السّنّة و قد صرّح الشّهرستانی فی کتاب الملل و النّحل: أنّ مضر (8)، و کهمس (9)، و أحمد الهجیمی (10) و غیرهم من أهل السنّة قالوا: معبودهم صورة ذات أعضاء و أبعاض «إلخ» ثمّ قال:

و أمّا مشبهة الحشویة (11) من أصحاب الحدیث فحکى الأشعری عن محمّد بن عیسى أنّه حکى عن مضر و کهمس و أحمد الهجیمی: أنّهم أجازوا على ربهم الملامسة

و المصافحة و المعانقة فی الدّنیا و الآخرة «إلخ» و لا ریب أنّ أصحاب الحدیث إنّما یطلق عندهم على سلف أهل السّنّة، و یعلم من کلام صاحب الملل فی موضع آخر:

أنّ الحنابلة مشارکون معهم فی بعض التّشبیهات فإنکار النّاصب بارد، و أما ما ذکره من أنّ مذهب أحمد بن حنبل لیس کذلک، ففیه أنّه کذلک، بشهادة إمامهم فخر الدین الرّازی حیث قال فی رسالته المعمولة لتفضیل مذهب الشّافعی: إنّ أحمد بن حنبل کان فی نهایة الإنکار للمتکلّمین فی التّنزیه و لمّا کان فی غایة المحبّة للشّافعی ادّعت المشبّهة أنّه کان على مذهبهم «انتهى» و لو سلّم براءة أحمد عن التّشبیه، فنقول: إنّ المصنّف لم یقل: إنّ أحمد بن حنبل قال بالتّشبیه و إنما نسب ذلک إلى الحنابلة، و کون الحنابلة قائلین بشی‏ء لا یستلزم کون إمامهم قائلا به حتّى یلزم من عدم کون أحمد قائلا بالتّشبیه أن تکون نسبة التشبیه إلى أصحابه کلا أو بعضا افتراء کما زعمه النّاصب، ألا ترى أنّ الشّیخ الأشعری قائل بأنّ وجود کلّ شی‏ء عین ذاته؟ مع أنّ الأشاعرة بأجمعهم مخالفون له فی هذا کما صرّح به الشارح الجدید للتّجرید فی أوائل کتابه، و کذا أصحاب أبی حنیفة قد خالفوه فی کثیر من المسائل الفروعیة (12) حتّى أن الفتوى قد تقرّر بینهم على ما خالفوه فیه (13) ثم لا یخفى أنّ النّاصب لم یذکر الطریق الثّانی لأهل السّنّة، و لعلّه تفطن بأنّ فیه ما لا یمکنه التفصّی عنه و هذا فی قوّة الاعتراف بما ذکره المصنّف، فیکون ما ذکره النّاصب‏

تطویلا بلا طائل، و إطلاق الطامّات إنّما یلیق بکلام مثله الذی لا یؤدّی إلى طائل (14) و لا یرجع إلى حاصل کما لا یخفى.


1) هو داود بن على الاصبهانى امام الظاهریة و مثله فی المصیر الى جواز تجسمه تعالى و رؤیته داود الجواربى الذی أثبت الأعضاء و الحرکة و السکون له تعالى، و کان یقول: سلونی عن شرح سائر أعضائه تعالى ما عدى شرح فرجه و لحیته، هکذا فی رسالة اعتقادات المسلمین للفخر الدین الرازی و غیرها.

2) و فی اخبار أهل البیت علیهم السلام: أن اللّه تعالى یبعث ملکا ینادى لیلة الجمعة:هل من تائب و هل من مستغفر؟ من دون أن ینجسم تعالى شأنه.

3) ان لم یکن من قبیل هذا الاشخاص لبقی دین محمد (ص) على الطریق النازل من عند اللّه.

4) قال صاحب المواقف انهم قالوا: انه تعالى مرکب من لحم و دم و قال الغزالی و لقد بعد عن التوفیق من صنف کتابا فی جمع الاخبار المشتملة على المتشابهات فقال باب فی اثبات الرأس و باب فی اثبات الید و باب فی اثبات العین الى غیر ذلک «انتهى» و لا ریب أن هذا المصنف من أهل السنة لا من المعتزلة و لا الامامیة منه.

5) کیف یتجرأ الرجل فی الدفاع عن الحنابلة بالکذب أو لا ینظر الى کتب ابن تیمیة و کتب الشیخ عبد القادر الجیلانی الحنبلی الصوفی الشهیر.

6) آل عمران. الآیة 7.

7) هو مقاتل بن سلیمان بن زید الرازی الخراسانی البلخی القاری المفسر الراوی العامی کان من اصحاب الباقرین علیهما السلام و له تفسیر کبیر ینقل عنه فی کتب التفسیر و نواسخ القران و غیرهما توفى سنة 150 و الشافعی کان یقول الناس فی التفسیر مرتزقة مقاتل.

8) هو مضر بن محمد بن عبید صاحب الغرائب و العجائب فی مرویاته ضعفه الدارقطنی و غیره و له مقالات منکرة و کذا سمیه مضر بن نوح السلمى.

9) هو کهمس بن منهال أبو عثمان السدوسی البصری اللؤلؤی الراوی عن ابن عروبة.

10) هو أحمد بن عطاء الهجیمی البصری القدری المشهور.

11) اختلف فی الحشویة فقیل بإسکان الشین لان منهم المجسمة و المجسمة محشوة، و المشهور انه بفتحها نسبة الى الحشاء لأنهم کانوا یجلسون أمام الحسن البصری فی حلقته فوجد فی کلامهم «رویا» فقال: رووا هؤلاء أحشاء الحلقة اى جانبها و الجانب یسمى حشاء و منه الأحشاء لجوانب البطن کذا فی شرح منهاج الأصول للاسنوى المصری منه «قده».أقول: کلمة «رویا» اسمیة وقعت مفعولة لقوله وجد. و المراد أن الحسن رأى قوما فی حلقته یستندون فی کل؟ من العقلیات و السمعیات بروایة رویت و لو لم تکن واجدة لشرائط الصحة.

12) و إذا شئت الاطلاع على ذلک فراجع کتب الحنفیة کفقه القدورى و المبسوط للسرخسى، و فتاوى قاضى خان، و الفتاوى العالمگیریة، و الفتاوى التاتارخانیه، فمن سبر فیها عرف أنهم خالفوا امامهم فی مسائل کثیرة.

13) و من ذلک اتفاقهم على عدم استحباب غمض إحدى العینین فی السجود و عدم لحوق الولد بالزوج لو لم تکن الزوجة مدخولة مع ان فتوى امامهم على خلاف ذلک فی الموضعین.

14) الطائل. الفائدة.