جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

فى مقایسه الفریقین فى التوحید

زمان مطالعه: 4 دقیقه

قال المصنّف رفع اللّه درجته‏

فهذه خلاصة أقاویل الفریقین فی عدل اللّه عزّ و جل و قول الإمامیّة فی التّوحید یضاهی قولهم فی العدل فانّهم یقولون: إنّ اللّه تعالى واحد لا قدیم سواه و لا إله غیره‏

و لا یشبه الأشیاء و لا یجوز علیه ما یصحّ علیها من التّحرک و السّکون، و أنّه لم یزل و لا یزال حیّا قادرا عالما مدرکا لا یحتاج إلى أشیاء یعلم بها و یقدر و یحیى و أنّه لمّا خلق الخلق أمرهم و نهاهم و لم یکن آمرا و لا ناهیا قبل خلقه لهم، و قالت المشبّهة (1) إنّه یشبه خلقه و وصفوه بالأعضاء و الجوارح و أنّه لم یزل آمرا و ناهیا

و لا یزال قبل خلق خلقه و لا یستفید بذلک شیئا و لا یفید غیره و لا یزال آمرا و ناهیا بعد خراب العالم و بعد الحشر و النّشر دائما بدوام ذاته و هذه المقالة فی الأمر و النّهى و دوامهما مقالة الأشعریة أیضا، و قالت الأشاعرة أیضا: إنّه تعالى قادر عالم حىّ إلى غیر ذلک من الصّفات بذوات (2) قدیمة لیست هی اللّه و لا غیره و لا بعضه و لولاها لم یکن قادرا عالما حیّا تعالى اللّه عن ذلک علوّا کبیرا «انتهى».

قال النّاصب خفضه اللّه‏

أقول: أکثر ما فی هذا الفصل قد مرّ جوابه فیما سبق من الفصول على أبلغ الوجوه، بحیث لم یبق للمرتاب ریب و ما لم یذکر جوابه من کلام هذا الفصل فیما

سبق هو ما قال فی الأمر و النّهى و أنّ الأشاعرة یقولون بدوامهما، فالجواب أنّهم لما قالوا بالکلام النّفسانی و أنّه صفة لذات اللّه تعالى فیلزم أن تکون هذه الصّفة أزلیّة و أبدیة، و الکلام لمّا اشتمل على الأمر و النّهى یکون الأمر و النّهى فی الکلام النّفسانی أزلا و أبدا، و لکن لا یلزم أن یکون آمرا و ناهیا بالفعل قبل وجود الخطاب و المخاطبین حتّى یلزم السّفه کما سبق، بل الکلام بحیث لو تعلّق بالخطاب عند التلفظ به یکون المتکلّم به آمرا و ناهیا، و هذا فرع لإثبات الکلام النّفسانی فأیّ غرابة فی هذا الکلام؟ «انتهى».

أقول: [القاضى نور اللّه‏]

قد سبق دفع أجوبة النّاصب على وجه لا مزید علیه، و بحیث لا یتطرق الرّیب إلیه، و أما ما ذکره هاهنا من الجواب و زعم أنّ کلام المصنّف فی قوله: و أنّه تعالى لم یزل آمرا و ناهیا مبنیّ على ما ذکره الأشاعرة فی الکلام النّفسانی فباطل، بل مبنیّ على ما ذکروه فی اصول الفقه (3) من جواز الأمر بالمعدوم و على تقدیر البناء على ما ذکروه فی الکلام فنقول: إنّ کلامهم صریح فی أنّ الأمر و النّهى (4) و الآمر و النّاهی موجود فی الأزل بالفعل، لکن تعلّق الأمر و النّهى بالمأمور، و المنهیّ إنما هو عند وجودهما و أهلیّتهما للتکلیف، و لو لا ادعاءهم ذلک لما احتاجوا إلى إثبات الکلام النّفسانی، و الحکم بثبوته فی الأزل، و کونه مسموعا

کما نقل عن الأشعری: (5) فان اتّصافه تعالى (6) بکونه آمرا و ناهیا بالقوة حاصل على تقدیر عدم إثبات الکلام النّفسی أیضا کما لا یخفى‏


1) المشبهة. قال أبو منصور البغدادی المتوفى سنة 429 فی کتاب الفرق بین الفرق ص 137 طبع مصر فی الفصل الثامن: ان المشبهة صنفان صنف شبهوا ذات الباری بذات غیره، و صنف آخر شبهوا صفاته بصفات غیره، و کل من هذین الصنفین مفترقون الى اصناف شتى الى آخر ما قال، و یظهر من مجموع کلماته ان من المشبهة من زعم ان الخالق من النور على صورة انسان فی أعضائه و أنه یفنى کله الا وجهه.و منهم من زعم انه تعالى ذو أعضاء و أن أعضائه على صور حروف الهجاء و هم اتباع المغیرة ابن سعید العجلى.و منهم الحلمانیة أو الحکمانیة: أتباع أبى حلمان الدمشقی، و کان یسجد لکل صورة حسنة لزعم التشبیه.و منهم الجواربیة اتباع داود الجواربى الذی اثبت جمیع الأعضاء له تعالى الا الفرج و اللحیة.و منهم مشبهة الکرامیة حیث ذهبوا الى أنه تعالى جسم له حد و نهایة، و أنه محل للحوادث و أنه مماس لعرشه، فهؤلاء مشبهة للّه بخلقه فی ذاته لا فی صفاته.فاما المشبهة لصفاته بصفات المخلوقین فإنها أصناف.فمنهم من شبه إرادة الباری بارادة خلقه، و هذا قول معتزلة البصرة حیث زعموا أن اللّه مرید بارادة حادثة من جنس إرادة البشر.و منهم الحدوثیة فإنهم ذهبوا الى حدوث تمام صفاته تعالى حتى صفات الذات، و مال الیه جمع من المعتزلة انتهى ما رمنا نقله من مقالة البغدادی فی هذا الباب ملخصا کلامه ناقلا إیاه بالمعنى. أقول: و من المشبهة جماعة من الصوفیة فی هذه الاعصار من العامة و الخاصة حیث شبهوا بعض صفاته تعالى الفعلیة بصفات المخلوق و لهم ترهات فی هذا الشأن یقف علیها الناظر فی کلماتهم، و سمعت عن عدة من رؤسائهم ما یقضى منه العجب عصمنا اللّه من الهفوات و الزلل فی القول و العقیدة و العمل.ثم اعلم ان اصحاب الحدیث من العامة کالظاهریة و ابن حنبل و مالک بن أنس و مقاتل بن سلیمان الأزدی و غیرهم أخذوا بظواهر ما ورد فی الکتاب و السنة من دون تأویل زعما منهم أنه نهایة الحزم و الأخذ بالحائطة فی امر الدین حیث ان التأویل ممنوع شرعا مضافا الى انه مظنون و القول بالظن فی صفاته تعالى غیر جائز لاحتمال ادائه الى غیر مراده جل شأنه فیوجب الوقوع فی الزلل، و العجب کل العجب ممن سلک هذا المسلک بعد قیام الدلیل القاطع العقلی الخلى من الشوائب و الأوهام على امتناع التشبیه فی حقه تعالى لا فی الذات و لا فی الصفات، لا روحانیة و لا جسمانیة أعاذنا اللّه من أشباه هذه المقالات التی أطال السنة الیهود و النصارى على المسلمین حیث لاحظوا أمثال هذه الکلمات و زعموا انها مما اتفق علیها المسلمون، و للّه در فقهائنا حیث عدوا المشبهة على الإطلاق من الفرق المحکومین بکفرهم و نجاستهم و اللّه العاصم الهادی.

2) التعبیر بالذوات فی غیر محله و الأنسب کلمة المعانی بدل لفظة الذوات کما لا یخفى.

3) فی باب العام و الخاص فی مسألة شمول الخطابات الشفاهیة للمعدومین و الغائبین، و قد حقق المتأخرون من أصحابنا بما لا مزید علیه امتناع مشافهة المعدوم و خطابه، فکیف بتکلیفه؟ نعم التزموا بصحة الإنشاء فی حق المعدوم بداعی التحسر و التحزن و الشوق و نحوها، و الإنشاء خفیف المئونة کما لا یخفى.

4) اى المتصف بوصف الأمر و النهى و وصف کونه ناهیا و إلا فذات اللّه تعالى بدون هذا الوصف موجود فی الأزل منه «قده».

5) قال ابن همام الحنفی فی کتاب المسایرة: هذا قول الأشعری اعنى کون الکلام النفسی مما یسمح، قاسه على رؤیة ما لیس بلون، فکما عقل رؤیة ما لیس بلون و لا جسم، فلیعقل سماع ما لیس بصوت، و استحال الماتریدی سماع ما لیس بصوت ثم قال:و بعد اتفاق أهل السنة على أنه تعالى متکلم لم یزل متکلما اختلفوا فی أنه تعالى هل هو متکلم لم یزل متکلما؟ فعن الأشعری، نعم. و عن بعض أهل السنة، و نقله بعض متکلمی الحنفیة عن أکثرهم. «انتهى» منه «قده».

6) اى کون الأمر و النهى و الأمر و الناهی بوصف کونه آمرا و ناهیا موجودا بالفعل فی الأزل.