قالوا: «إنّ ما علم اللّه عدمه من أفعال العبد فهو ممتنع الصدور عن العبد و إلّا جاز انقلاب العلم جهلًا، و ما علم اللّه وجوده من أفعاله فهو واجب الصدور عن العبد، و إلا جاز ذلک الانقلاب و هو محال فی حقّه سبحانه، و ذلک یبطل اختیار العبد، إذ لا قدرة على الواجب و الممتنع، و یبطل أیضاً التکلیف لابتنائه على القدرة و الاختیار، فما لزم القائلین بمسألة خلق الاعمال فقد لزم غیرهم لأجل اعتقادهم بعلمه الأزلی المتعلّق بالأشیاء» (1)
و الجواب عنه: أنّ علمه الأزلی لم یتعلّق بصدور کلّ فعل عن فاعله على وجه الإطلاق، بل تعلّق علمه بصدوره عنه حسب الخصوصیات
الموجودة فیه و على ضوء ذلک، تعلّق علمه الأزلی بصدور الحرارة من النّار على وجه الجبر و الاضطرار، کما تعلّق علمه الأزلی بصدور الرعشة من المرتعش کذلک، و لکن تعلّق علمه سبحانه بصدور فعل الإنسان الاختیاری منه بقید الاختیار و الحرّیّة، و مثل هذا العلم یؤکّد الاختیار. قال العلّامة الطباطبائی:
إنّ العلم الأزلی متعلّق بکلّ شیء على ما هو علیه، فهو متعلّق بالأفعال الاختیاریة بما هی اختیاریة، فیستحیل أن تنقلب غیر اختیاریة …. (2)
1) شرح المواقف: 8 / 155 بتلخیص منّا.
2) الأسفار: 6 / 318، تعلیقة العلّامة الطباطبائی قدس سره.