جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

طرق إثبات الإمامة عند أهل السنة (2)

زمان مطالعه: 2 دقیقه

الطریق لإثبات الإمامة عند الشیعة الإمامیة منحصرة فی النصّ من النبیّ صلى الله علیه و آله و الإمام السابق، و سیوافیک الکلام فیه فی الفصل القادم.

و أمّا عند أهل السنّة فلا ینحصر بذلک، بل یثبت أیضاً ببیعة أهل الحلّ و العقد، قال الإیجی:

المقصد الثالث فیما تثبت به الإمامة، و إنّها تثبت بالنصّ من الرسول و من الإمام السابق بالإجماع و تثبت ببیعة أهل الحلّ و العقد خلافاً للشیعة، لنا ثبوت إمامة أبی بکر بالبیعة. (1)

ثمّ إنّهم اختلفوا فی عدد من تنعقد به الإمامة على أقوال، قال الماوردی (المتوفّی 450 ه):

اختلف العلماء فی عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتّى: فقالت طائفة: لا تنعقد إلّا بجمهور أهل الحلّ و العقد من کلّ بلد لیکون الرضا به عامّاً، و التسلیم لإمامته إجماعاً، و هذا

مذهب مدفوع ببیعة أبی بکر على الخلافة باختیار من حضرها، و لم ینتظر ببیعته قدوم غائب عنها.

و قالت طائفة أُخرى: أقلّ ما تنعقد به منهم الإمامة خمسة یجتمعون على عقدها أو یعقدها أحدهم برضا الأربعة، استدلالًا بأمرین:

أحدهما: أنّ بیعة أبی بکر انعقدت بخمسة اجتمعوا علیها ثمَّ تابعهم الناس فیها، و هم: عمر بن الخطاب، و أبو عبیدة بن الجراح، و أسید بن خضیر، و بشر بن سعد، و سالم مولى أبی حذیفة.

و الثانی: أنّ عمر جعل الشورى فی ستّة لیعقد لأحدهم برضا الخمسة، و هذا قول أکثر الفقهاء، و المتکلّمین من أهل البصرة.

و قال آخرون من علماء الکوفة: تنعقد بثلاثة یتولّاها أحدهم برضا الاثنین لیکونوا حاکماً و شاهدین، کما یصحّ عقد النکاح بولی و شاهدین.

و قالت طائفة أخرى: تنعقد بواحد، لأنّ العباس قال لعلی: امدد یدک أبایعک، فیقول الناس عمّ رسول اللّه صلى الله علیه و آله بایع ابن عمِّه فلا یختلف علیک اثنان، و لأنّه حکم و حکم واحد نافذ». (2)

یلاحظ على هذه الأقوال و النظریات‏

أوّلًا: أنّ موقف أصحابها موقف من اعتقد بصحّة خلافة الخلفاء، فاستدلّ به على ما یرتئیه من الرأی، و هذا، استدلال على المدّعى بنفسها، و هو دور واضح.

و ثانیاً: أنّ هذا الاختلاف الفاحش فی کیفیة عقد الإمامة، یعرب عن بطلان نفس الأصل، لأنّه إذا کانت الإمامة مفوَّضة إلى الأُمّة، کان على النبیّ صلى الله علیه و آله بیان تفاصیلها و طریق انعقادها، و لیس عقد الإمام لرجل أقلّ من عقد النکاح بین الزوجین الّذی اهتمّ القرآن و السنّة ببیانه و تحدیده، و العجب أنّ عقد الإمامة الّذی تتوقّف علیه حیاة الأُمّة، لم یطرح فی النصوص- على زعم القوم- و لم یتبیّن حدوده و شرائطه.

و العجب من هؤلاء الأعلام کیف سکتوا عن الاعتراضات الهائلة الّتی توجّهت من نفس الصحابة من الأنصار و المهاجرین على خلافة الخلفاء الّذین تمَّت بیعتهم ببیعة الخمسة فی السقیفة، أو بیعة أبی بکر لعمر، أو بشورى الستّة، فإنّ من کان ملِمّاً بالتاریخ، یرى کیف کانت عقیرة کثیر من الصحابة مرتفعة بالاعتراض، حتى أنّ الزبیر وقف فی السقیفة أمام المبایعین و قد اخترط سیفه و هو یقول:

«لا أغمده حتى یبایع علیّ، فقال عمر: علیکم الکلب فأخذ سیفه من یده، و ضرب به الحجر و کسر». (3)


1) شرح المواقف: 8 / 351.

2) الأحکام السلطانیة: 6- 7.

3) الإمامة و السیاسة: 1 / 11.