أُورد على الخاتمیة شبهات واهیة غنیة عن الإجابة یقف علیها کلّ من له إلمام بالکتاب و السنّة و الأدب العربی، و لأجل إراءة وهن هذه الشبهات (1) نأتی بما تعدّ من أقواها، ثمّ نرجع إلى البحث حول سؤال مهمّ حول الخاتمیة، و هی قابلة للبحث و النقاش، أمّا الشبهة فهی:
کیف یدّعی المسلمون انغلاق باب النبوّة و الرسالة، مع أنّ صریح کتابهم ناصّ بانفتاح بابهما إلى یوم القیامة حیث یقول:
«یا بَنِی آدَمَ إِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ رُسُلٌ مِنْکُمْ یَقُصُّونَ عَلَیْکُمْ آیاتِی فَمَنِ اتَّقى وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ» (2)
و الجواب: أنّ الآیة تحکی خطاباً خاطب سبحانه به بنی آدم فی بدء الخلقة، و فی الظرف الّذی هبط فیه آدم إلى الأرض، فالخطاب لیس من الخطابات المنشأة فی عصر الرّسالة حتى ینافی ختمها، بل حکایة للخطاب الصادر بعد هبوط أبینا آدم إلى الأرض، و الشاهد على ذلک أمران:
الأوّل: سیاق الآیات المتقدّمة على هذه الآیة.
الثانی: قوله سبحانه فی موضع آخر: «قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِیعاً بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ مِنِّی هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدایَ فَلا یَضِلُّ وَ لا یَشْقى» (3)
فقوله: «فَإِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ مِنِّی هُدىً». یتّحد مضموناً مع قوله: «إِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ رُسُلٌ مِنْکُمْ یَقُصُّونَ عَلَیْکُمْ آیاتِی».
1) للوقوف علیها و على أجوبتها، لاحظ: المصدر السابق: 185- 216.
2) الأعراف: 35.
3) طه: 123.