1. من أین نثبت أنّ النظام الموجود فعلًا هو النظام الأکمل، لأنّا لم نلاحظ مشابهه حتى نقیس به؟
2. من یدری لعلّ خالق الکون جرّب صنع الکون مراراً حتى اهتدى إلى النظام الفعلی؟
3. لو فرضنا أنّ برهان النظم أثبت وجود الخالق العالم القادر، غیر أنّه لا یدلّ مطلقاً على الصفات الکمالیة کالعدالة و الرحمة الّتی یوصف بها.
و الجواب عنها: أنّ هذه الإشکالات ناشئة من عدم الوقوف على رسالة برهان النظم و مدى ما یسعى إلى اثباته، إنّ رسالة برهان النظم تتلخّص فی إثبات أنّ النظام السائد فی الکون لیس ناشئاً من الصدفة و لا من خاصیّة ذاتیة للمادّة العمیاء، بل وجد بعقل و شعور و محاسبة و تخطیط، فله خالق عالم قادر.
و أمّا أنّ هذا الخالق الصانع هو اللّه الواجب الوجوب الأزلی الأبدی أم لا، و أنّ علمه بالنظام الأحسن هل هو ذاتی فعلی أو انفعالی تدریجى، و أنّ النظام الموجود هل هو أحسن نظام أو لا؟ فهی ممّا لا یتکفّل بإثباته هذا البرهان و لا أنّه فی رسالته و لا مقتضاه، بل لا بدّ فی هذا المورد من الاستناد إلى براهین أُخرى مثل برهان الإمکان و الوجوب، و الاستناد بقواعد عقلیة بدیهیة أو مبرهنة مذکورة فی کتب الفلسفة و الکلام، مثل أنّ علمه تعالى ذاتی فعلی و لیس بانفعالی تدریجى، و أنّ النظام الکیانی ناشئ عن النظام الربّانی و مطابق له، و ذلک النظام الربّانی العلمی أکمل نظام ممکن، إلى غیر ذلک من الأُصول الفلسفیة.