قد اتّضح ممّا تقدّم أنّ المقصود بالبداء لیس إلّا تغییر المصیر و المقدّر بالأعمال الصالحة و الطالحة و تأثیرها فی ما قدّر اللّه تعالى لهم من التقدیر المشترط، و لإیضاح هذا المعنى نشیر إلى نماذج من الآیات القرآنیة و ما ورد من الروایات فی تغییر المصیر بالأعمال الصالحة و الطالحة.
1. قال سبحانه: «إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ». (1)
2. و قال سبحانه: «ذلِکَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یَکُ مُغَیِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ». (2)
3. و قال سبحانه: «وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَکاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لکِنْ کَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ». (3)
4. و قال سبحانه: «وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّکُمْ لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِیدَنَّکُمْ وَ لَئِنْ کَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِی لَشَدِیدٌ» (4)
5. و قال سبحانه: «فَلَوْ لا کانَتْ قَرْیَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِیمانُها إِلَّا قَوْمَ یُونُسَ لَمَّا آمَنُوا کَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حِینٍ» (5)
6. و قال سبحانه: «فَلَوْ لا أَنَّهُ کانَ مِنَ الْمُسَبِّحِینَ – لَلَبِثَ فِی بَطْنِهِ إِلى یَوْمِ یُبْعَثُونَ» (6)
7. و قال سبحانه: «وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْیَةً کانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً یَأْتِیها رِزْقُها رَغَداً مِنْ کُلِّ مَکانٍ فَکَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما کانُوا یَصْنَعُونَ» (7)
إلى غیر ذلک من الآیات. و من الروایات یدلّ على ذلک ما یلی:
1. روى جلال الدین السیوطی (المتوفّى 911 ه) عن علی علیه السلام أنّه سأل رسول اللّه صلى الله علیه و آله عن هذه الآیة «یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ»، فقال:
«لأقرَّن
عینیک بتفسیرها، و لأقرَّن عین أُمّتی بعدی بتفسیرها: الصدقة على وجهها، و برّ الوالدین، و اصطناع المعروف، یحوِّل الشقاء سعادة، و یزید فی العمر، و یقی مصارع السوء». (8)
2. و أخرج الحاکم عن ابن عباس، قال: «لا ینفع الحذر من القدر، و لکن اللّه یمحو بالدعاء ما یشاء من القدر». (9)
3. و قال الإمام الباقر علیه السلام: «صلة الأرحام تزکّى الأعمال، و تنمّی الأموال، و تدفع البلوى، و تیسّر الحساب، و تنسئ فی الأجل». (10)
4. و قال الصادق علیه السلام: «إن الدعاء یردّ القضاء، و إنّ المؤمن لیذنب فیحرم بذنبه الرزق». (11)
إلى غیر ذلک من الأحادیث المتضافرة المرویة عن الفریقین فی هذا المجال.
1) الرعد: 11.
2) الأنفال: 53.
3) الأعراف: 96.
4) إبراهیم: 7.
5) یونس: 98.
6) الصافات: 143- 144.
7) النحل: 112.
8) الدرّ المنثور: 4 / 66.
9) نفس المصدر.
10) الکافی: 2 / 470.
11) البحار: 93 / 288.