المشهور عند المتکلّمین أنّ الجنّة فوق السماوات، تحت العرش، و أنّ النار تحت الأرضین (1) و الالتزام بذلک مشکل لعدم ورود دلیل صریح أو ظاهر فی ذلک، قال المحقّق الطوسی:
و الحقّ إنّا لا نعلم مکانهما و یمکن أن یستدلّ على موضع الجنة بقوله تعالى: «عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى» (2) یعنی عند سدرة المنتهى. (3)
نعم ربّما یستظهر من قوله تعالى: «وَ فِی السَّماءِ رِزْقُکُمْ وَ ما تُوعَدُونَ» (4) إنّ الجنة فی السماء فإنّ الظاهر من قوله: «وَ ما تُوعَدُونَ» هو الجنة». (5)
هذا کلّه على القول بأنّ الجنّة و النار حسب ظواهر الکتاب موجودتان فی الخارج مع قطع النظر عن أعمال المکلّفین، و إنّهما معدَّتان للمطیع و العاصی، و أمّا على القول بأنّ حقیقة الجنّة و النار عبارة عن تجسّم عمل الإنسان بصورة حسنة و بهیَّة أو قبیحة و مرعبة، فالجنّة و النار موجودتان واقعاً بوجودهما المناسب فی الدار الآخرة و إن کان أکثر الناس، لأجل کونه محاطاً بهذه الظروف الدنیویة، غیر قادر على رؤیتهما، و إلّا فالعمل سواء کان صالحاً أو طالحاً قد تحقّق و له وجودان و تمثّلان، و کلٌّ موجود فی ظرفه.
1) شرح المقاصد: 5 / 111.
2) النجم: 15.
3) تلخیص المحصل: 395.
4) الذاریات: 22.
5) المیزان: 18 / 375.