إنّ العلم بالسّبب و العلّة بما هو سبب و علّة، علم بالمسبّب، و المراد من العلم بالسبب و العلّة، العلم بالحیثیة الّتی صارت مبدأ لوجود المعلول و حدوثه، و لتوضیح هذه القاعدة نمثّل بمثالین:
1. إنّ المنجّم العارف بالقوانین الفلکیّة و المحاسبات الکونیّة یقف على أنّ الخسوف و الکسوف أو ما شاکل ذلک یتحقّق فی وقت أو وضع خاص، و لیس علمه بهذه الطوارئ، إلّا من جهة علمه بالعلّة من حیث هی علّة لکذا و کذا.
2. إنّ الطبیب العارف بحالات النبض و أنواعه و أحوال القلب و أوضاعه یقدر على التنبّؤ بما سیصیب المریض فی مستقبل أیّامه و لیس هذا العلم إلّا من جهة علمه بالعلّة من حیث هی علّة.
إذا عرفت کیفیة حصول العلم بالمعلول قبل إیجاده من العلم بالعلّة نقول: إنّ العالم بأجمعه معلول لوجوده سبحانه، و ذاته تعالى علّة له، و قد تقدّم انَّ ذاته سبحانه عالم بذاته.
و بعبارة أخرى: العلم بالذات علم بالحیثیّة الّتی صدر منها الکون بأجمعه، و العلم بتلک الحیثیّة یلازم العلم بالمعلول.
قال صدر المتألّهین:
إنّ ذاته- سبحانه- لمّا کانت علّة للأشیاء- بحسب وجودها- و العلم بالعلّة یستلزم العلم بمعلولها … فتعقّلها من هذه الجهة لا بدّ أن یکون على ترتیب صدورها واحداً بعد واحد (1)
1) الأسفار: 6 / 275.