هناک تحلیل آخر للشبهة و هو ما نقل عن أفلاطون و حاصله: أنّ ما یسمّى بالشرّ من الحوادث و الوقائع یرجع عند التحلیل إلى العدم، فالّذی
یسمّى بالشرّ عند وقوع القتل لیس إلّا انقطاع حیاة البدن الناشئ عن قطع علاقة النفس عن البدن، و ما یسمّى بالشر عند وقوع المرض لیس إلّا الاختلال الواقع فی أجهزة البدن و زوال ما کان موجودا له عند الصحّة من التعادل الطبیعی فی الأعضاء و الأجهزة البدنیّة.
و کذلک سائر الحوادث الّتی تتّصف بالبلیّة و الشرّیّة.
و من المعلوم أنّ الّذی یحتاج إلى الفاعل المفیض هو الوجود، و أما العدم فلیس له حظّ من الواقعیة حتى یحتاج إلى المبدأ الجاعل. و إلى هذا أشار الحکیم السبزواری فی منظومة حکمته:
و الشّرّ أعدام فکم قد ضلّ من
یقول بالیزدان ثمّ الأهرمن (1)
1) و قال العلّامة الطباطبائی:إنّ الشرور إنّما تتحقّق فی الأمور المادّیة و تستند إلى قصور الاستعدادات على اختلاف مراتبها، لا إلى إفاضة مبدأ الوجود، فانّ علّة العدم عدم، کما أنّ علّة الوجود وجود.فالّذی تعلّقت به کلمة الإیجاد و الإرادة الإلهیّة و شمله القضاء بالذات فی الأمور الّتی یقارنها شیء من الشرّ انما هو القدر الّذی تلبّس به من الوجود حسب استعداده و مقدار قابلیته، و أمّا العدم الّذی یقارنه فلیس إلّا مستنداً إلى عدم قابلیته و قصور استعداده، نعم ینسب إلیه الجعل و الإفاضة بالعرض لمکان نوع من الاتحاد بینه و بین الوجود الّذی یقارنه. المیزان: 13 / 187- 188 بتصرف قلیل.