إنّ علماء النفس یعتقدون بأنّ للنفس الإنسانیة أبعاداً أربعة، یکون کلّ بعدٍ منها مبدأ لآثار خاصة:
أ. روح الاستطلاع و استکشاف الحقائق، و هذا البعد من الروح الإنسانیة باعث فطری لسعی الإنسان فی سبیل معرفة الکون و استکشاف الحقائق.
ب. حبّ الخیر و النزوع إلى البرّ و المعروف، و لأجل ذلک یجد الإنسان فی نفسه میلًا إلى الخیر و الصلاح، و انزجاراً عن الشرّ و الفساد، و هذا الإحساس الفطری مبدأ للقیم و الاخلاق الإنسانیة.
ج. علاقة الإنسان بالجمال فی مجالات الطبیعة و الصناعة،
فالمصنوعات الدقیقة و الجمیلة، و اللوحات الفنّیة و التماثیل الرائعة تستمدّ روعتها و جمالها من هذا البعد.
د. الشعور الدینی الّذی یدعو الإنسان إلى الاعتقاد بأنّ وراء هذا العالم عالما آخر یستمدّ هذا العالم وجوده منه، و أنَّ الإنسان بکلّ خصوصیاته متعلّق بذلک العالم و یستمدّ منه.
و هذا البعد الرابع الّذی اکتشفه علماء النفس فی العصر الأخیر و أیّدوه بالاختبارات المتنوّعة مما رکّز علیه الذکر الحکیم قبل قرون و أشار إلیه فی آیاته المبارکات، منها قوله تعالى:
«فَأَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْها» (1)
فالآیة تنصّ على أنّ الدین- بمعنى الاعتقاد بخالق العالم و الإنسان و بأنّ مصیر الإنسان بیده- شیء خلق الإنسان علیه و فطر به، کما خلق و فطر على کثیر من المیول و الغرائز.
1) الروم: 30.