إنّ الهدف العامّ الّذی بعث لأجله الأنبیاء هو تزکیة الناس و تربیتهم، و لا شکّ أنّ تأثیر التربیة بالعمل أشدّ و أعمق و آکد منها عن طریق الوعظ و الإرشاد، و ذلک أنّ التطابق بین مرحلتی القول و العمل هو العامل الرئیسی فی إذعان الآخرین بأحقّیّة تعالیم المصلح و المربّی، و هذا الأصل التربویّ یجرّنا إلى القول بأنّ التربیة الکاملة المتوخّاة من بعثة الأنبیاء لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم، و هذا کما یوجب العصمة بعد البعثة، یقتضیها قبلها أیضاً، لأنّ لسوابق الأشخاص و صحائف أعمالهم الماضیة تأثیراً فی قبول الناس کلامهم و إرشاداتهم. (1)
1) و قد أقام المتکلّمون على عصمة الأنبیاء دلائل کثیرة، فذکر المحقق الطوسی ثلاثة، و أضاف إلیها القوشجی دلیلین آخرین، و ذکر الإیجی تسعة أدلة، غیر أنّ بعضها لیس دلیلًا عاماً، بل یختص بعصمتهم بعد البعثة، راجع فی ذلک: کشف المراد: 274؛ شرح التجرید: 358؛ المواقف: 2 / 359- 360.