قال المصنّف رفع اللّه درجته
خاتمة تشتمل على حکمین الأوّل: البقاء یصحّ على الأجسام بأسرها و هذا حکم ضروریّ لا یقبل التّشکیک، و خالف فیه النظام من الجمهور فذهب إلى امتناع بقاء (1) الأجسام بأسرها بل کلّ آن یوجد فیه جسم ما، یعدم ذلک الجسم فی الآن الذی بعده، و لا یمکن أن یبقى جسم ما من الأجسام، (2) فلکیها و عنصریها بسیطها و مرکبها، ناطقها و غیرها، آنین و لا شک فی بطلان هذا القول لقضاء الضّرورة بأنّ الجسم الذی شاهدته حال فتح العین هو الذی شاهدته قبل تغمیضها و المنکر لذلک سوفسطائی (3)، بل السّوفسطائی لا یشکّ فی أنّ بدنه الذی کان بالأمس هو بدنه الذی کان الآن، و أنّه لم یتبدّل بدنه من أوّل لحظة إلى آخرها
و هؤلاء جزموا بالتّبدّل «انتهى.»
قال النّاصب خفضه اللّه
أقول: الجسم عند النّظام (4) مرکّب من مجموع أعراض مجتمعة، و العرض لا یبقى زمانین لما سنذکر بعد هذا، فالجسم أیضا یکون کذلک عنده، و الحقّ أنّ ضرورة موجودیّة البقاء و عدم جواز قیام العرض بالعرض دعتا (خ ل دعت) إلى الحکم بأنّ الأعراض لا تبقى زمانین و لیست هذه الضّرورة حاصلة فی الأجسام لجواز قیام البقاء بالجسم، و أما ما ذهب إلیه النّظام: أنّ الجسم مجموع الأعراض المجتمعة فباطل، فمذهبه فی عدم صحّة البقاء على الأجسام یکون باطلا کما ذکره «انتهى».
أقول: [القاضى نور اللّه]
غرض النّاصب من ذکر حقه (5) الباطل إظهار أنّ فساد قول النّظام لیس لأجل فساد قوله: بعدم بقاء الأعراض الذی هو مبنى حکمه على عدم بقاء الأجسام، بل هو لأجل فساد حکمه بأنّ الأجسام مرکّبة من الأعراض لأنّ ما شارک فیه الأشعری معه من القول: بعدم بقاء الأعراض مبنی على مقدّمتین ضروریتین هما موجودیّة البقاء و عدم جواز قیام العرض بالعرض، هذا محصّل مرامه و یتوجّه علیه أنّ دعوى الضرورة فی کلّ من المقدّمتین باطلة إذ التّحقیق أنّ البقاء أمر اعتباری کما مرّ، و اعترف به صاحب المواقف أیضا، و قد مرّ أیضا جواز قیام العرض بالعرض کالسّرعة و البطوء بالحرکة، و الدّلیل المذکور فی المواقف و غیره لإثبات عدم بقاء الأعراض مدخول، کما سیجیء ما یوضحه، فیکون النّظام و الأشاعرة شریکین فی شطر من الفساد، غایة الأمر أن یکون مذهب النّظام أکثر فسادا،
و أما ما ذکره النّاصب فی حاشیة کلامه فی هذا المقام: من أنّ دعوى الضّرورة فی عدم تبدّل البدن مع تحلّله و ورود البدل فی محلّ المنع «إلخ» فمدخول بأنّ المراد بالبدن الأجزاء الأصلیّة التی تقوم بها التّشخّصات البدنیّة و هی باقیة من أوّل العمر إلى آخره کما صرّحوا به فی بحث المعاد، فلا یقدح فی الحکم بعدم تبدّل البدن تحلّل فواضله التی هی الرطوبة الغریزیة بواسطة الحارّ الغریزی (خ ل الحرارة الغریزیة) کما ذکر فی علم الطب تأمل.
1) و من المفرطین فی هذا المعنى بعض من أدرکناه فی الغرى الشریف حتى انه صنف کتابا فی هذا الشأن و سماه بکتاب الخلع و اللبس و اتى فیه على زعمه ما یدل على ذلک و مات على هذه العقیدة السخیفة سامحه اللّه.
2) هذا مبنى على کون الفلکیات أجساما، و هذه مسألة متنازعة فیها ذات عرض عریض و ذیل طویل.
3) قد مر المراد بالسوفسطائیة فراجع.
4) قد مرت ترجمته.
5) اى الذی زعمه حقا و کان باطلا واقعا.