یظهر من الروایات المأثورة عن أئمّة أهل البیت علیهم السلام أنّ مشیئته و إرادته من صفات فعله، کالرازقیة و الخالقیة، و إلیک نبذاً من هذه الروایات:
1. روى عاصم بن حمید، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «قلت: لم یزل اللّه مریداً؟ قال: إنّ المرید لا یکون إلّا لمراد معه، لم یزل اللّه عالماً قادراً ثمّ أراد». (1)
2. روى صفوان بن یحیى قال: قلت لأبی الحسن علیه السلام: أخبرنی عن الإرادة من اللّه و من الخلق.
قال: فقال علیه السلام: «الإرادة من الخلق الضمیر، و ما یبدو لهم بعد ذلک من الفعل، و أمّا من اللّه تعالى فإرادته إحداثه لا غیر ذلک، لأنّه لا یروّی و لا یهمّ و لا یتفکّر، و هذه الصفات منفیّة عنه، و هی صفات الخلق، فإرادة اللّه الفعل لا غیر ذلک، یقول له کن فیکون بلا لفظ، و لا نطق بلسان، و لا همّة، و لا تفکّر، و لا کیف لذلک، کما انّه لا کیف له». (2)
3. روى محمد بن مسلم، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «المشیئة محدثة». (3)
ترى أنّ الروایة الأُولى تنفی الأزلیّة عن الإرادة، فلا تکون من صفاته الذاتیة الّتی هی عین ذاته تعالى، کما أنّ الروایة الثالثة صرّحت على أنّ المشیئة محدثة، فلا تکون من صفاته الذاتیة و قد صرّحت الروایة الثانیة على أنّ إرادته تعالى عین إحداثه تعالى و إیجاده فهی عین فعله، و لکنّ الروایات لا تنفی کون الإرادة بالمعنى الّذی فسّرناها به، أعنی: الاختیار
الذاتی من صفات ذاته، بل الّذی نفته، هی الإرادة بالمعنى الموجود فی الإنسان، لأنّ إثبات هذه الإرادة للّه تعالى یستلزم محذورین:
الأوّل: قدم المراد أو حدوث المرید، کما ورد فی الروایة الأولى؛
الثانی: طروء التغیّر و التدریج على ذاته سبحانه، کما ورد فی الروایة الثانیة.
1) الکافی: 1 / 109، باب الإرادة، الحدیث 1.
2) نفس المصدر: الحدیث 3.
3) نفس المصدر: الحدیث 7.